(أما أولهما) فلما تقرر من أن الاستثناء يقتضي ثبوت الحكم للمستثنى اثباتا ونفيا على عكس ما ثبت للمستثنى منه، ولذا عرف نجم الأئمة في شرح الكافية المستثنى بأنه المذكور بعد (إلا) وأخواتها مخالفا لما قبلها نفيا واثباتا، وحينئذ فإذا قيل:
لا تضرب أحدا إلا زيدا. فهم منه أنه مريد لضرب زيد وآمر به لا أنه أعم من الأمر بضربه وعدمه، وكذا قوله (عليه السلام) (1): " اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة " مفيد للنهي عن قتل أهل الذمة لا أنه للأعم منه ومن عدمه، ولو تم ما ذكره لا طرد في جميع صور الاستثناء، فلا يثبت للمستثنى بمجرد الاستثناء حكم على الخصوص، بل لا بد معه من التصريح، فلو قال: لزيد علي عشرة إلا ثلاثة.
لم يفد نفي الثلاثة عنه بطريق اليقين، بل لا بد في نفيها جزما من أمر زائد على الاستثناء وهو ظاهر البطلان. وبذلك يظهر لك أن قوله (عليه السلام) في الخبر المذكور:
" ولا تغتسل من ماء آخر إلا أن يكون فيه جنب.. " دال على الأمر بالاغتسال من الماء الآخر مع وجود الجنب لا لمجرد إباحة الآخر وعدم النهي عنه.
و (أما ثانيهما) فلأن الاغتسال شرعا وعرفا مخصوص بغير إزالة الخبث، إذ إنما يطلق عليها الغسل لا الاغتسال (2).