القدر هو المراد، وتقييده بالعدد لانضباطه وظهوره بخلاف غيره. وبأن الغرض من النزح اخراج الماء من حد الواقف إلى كونه جاريا جريانا يزيل التأثير الحاصل من النجاسة ويفيده التطهير، ولذلك اختلف فيه التقدير، لاختلاف النجاسات بقوة التأثير وضعفه، وتفاوت الآبار بسعة المجاري وضيقها. ولا يخفى أن هذا الغرض يحصل باخراج القدر المعين بأي وجه اتفق.
وأجيب عن الأول بأنا لا نمنع كون النزح واردا على الماء وأن الدلاء مقدار، ولكن نمنع كون المراد اخراج القدر مطلقا، لأن الأوامر وردت بطريق خاص واتباعها لازم.
وعن الثاني بأنه وإن كان الغرض من النزح الاجراء إلا أن طرقه مختلفة، والأدلة إنما وردت ببعض معين منها. والحاق غيره به قياس. مع أن الفارق ربما كان موجودا، من حيث إن تكرار النزح موجب لكثرة واضطراب الماء وتموجه. وهو مقتض لاستهلاك أجزاء النجاسة الشائعة فيه، فيكون سببا لطيبه ولعله الحكمة في الأمر به. ومن البين أن ذلك لا يحصل مع الاخراج دفعة أو ما في معناها.
ومن الجواب عن دليلي القول الثاني علم دليل القول الأول، ومرجعه إلى ما ذكره المحقق في المعتبر من عدم الاتيان بالمأمور به على وجهه. ولأن الحكمة تعلقت بالعدد ولا يعلم حصولها مع عدمه.
قال بعض فضلاء المحدثين من متأخري المتأخرين: " هذا هو الصحيح، ومن يدعي العلم بحصول الغرض فنقول له: علمك أما من باب مفهوم الموافقة أو تنقيح المناط، وهما مفقودان هنا، لأن لتعدد النزح مدخلا عظيما في ميل أجزاء النجاسة وآثارها عن جوانب البئر إلى موضع النزح وخروجها بالنزح " انتهى.