أن الشرط في عدم انفعال الكثير الواقف إما تساوي سطوحه أو كون الأعلى منه كرا فصاعدا، لعدم تقوي الأعلى بالأسفل عندهم، وحينئذ فالوحدة والاجتماع اللذان هما مدار العصمة عن الانفعال حاصلان على تقدير التساوي والاختلاف على الوجه المذكور، فلا يتجه اعتبار الدفعة بل يجزي الوقوع تدريجا، ويرجع إلى ما ذكره في الصورة الثانية وبذلك يظهر لك ما في آخر كلامه من قوله: " وحيث قد تقدم منا الميل.. الخ " فإنه قد تقدم منه كما حكينا عنه (1) الميل إلى اعتبار المساواة أو علو الكثير لا اعتبار المساواة خاصة كما يوهمه كلامه هنا.
ويرد على ما ذكره في الصورة الثانية أنه مع إهمال اعتبار المساواة وإن اشترط الامتزاج، فالاكتفاء بامتزاج البعض ممنوع، لما عرفت آنفا (2) من عدم النص في تطهير المياه، والأصل بقاء النجاسة. وغاية ما يمكن التشبث به في هذا الباب الاجماع. وهو إنما يثبت بالالقاء دفعة على وجه يستلزم دخول جميع الأجزاء بعضها في بعض. وبالجملة فإن وجوب الدفعة كما يترتب على اعتبار المساواة كذلك يترتب على اشتراط الامتزاج، إذ امتزاج البعض وإن أوجب استهلاك النجس، إلا أنه لا دليل على حصول التطهير به. وأيضا فإن القائلين باعتبار الممازجة لم يظهر منهم التصريح بالاكتفاء بممازجة البعض، بل ربما ظهر من كلامهم اعتبار ورود جميع الكر عليه، وبذلك يظهر لك ما في تتمة كلامه في الصورة المذكورة.
ويرد على ما ذكره في الصورة الثالثة أن ما ذكر فيها من عدم اشتراط الممازجة وعدم اعتبار المساواة أعم من الاكتفاء بالاتصال مطلقا أو حصول الممازجة في بعض.
وعدم اشتراط الدفعة هنا إنما يتم على الأول دون الثاني، لما عرفت آنفا (3).