إذ لا فرق بين المقامين إلا باعتبار أن خروج الماء عن صفته الأصلية هناك باعتبار وقوع هذا الجسم فيه أخيرا، وخروجه هنا باعتبار كون الأرض كبريتية أو زاجية فاتفق تكيفه برائحتها، أو باعتبار موافقة لون ذلك الجسم الطاهر الذي تغير به الماء للون النجاسة في إحدى الصورتين، ومخالفته لها على وجه يستر رائحتها في الصورة الأخرى.
وكل منهما لا يصلح وجها للفرق الموجب لتغاير الحكم، إلا أن بعض محققي متأخري المتأخرين استظهر أن الكلام هنا كالكلام في النجاسة المسلوبة الأوصاف دليلا وجوابا وظاهره أن النجاسة في هذه الصورة باعتبار ما عليه الماء من الصفات لم تغيره واقعا، بخلاف الصورة التي تغير فيها بجسم طاهر، فإنه تغير واقعا وإن لم يظهر للحس بسبب الوصف العارضي. ولا يخفى ما فيه، فإن الواقع المعتبر القياس إليه، إن لوحظ مع قطع النظر عن العارض فالتغير ثابت في الصورتين، وإلا فلا فيهما. وقد عرفت أن الوجه الفارق لا يوجب تغايرا يترتب عليه ما ذكره (1).