" إنا إذا حدثنا عن الله ورسوله ولا نقول من أنفسنا " (1) وحينئذ فكما أن هذا القائل يسلم أن أوامر الله سبحانه ورسوله ونواهيهما الصادرة عنهما لا بواسطة واجبة الاتباع، فيجب عليه القول بذلك فيما كان بواسطتهم (عليهم السلام)، وهل يجوز أو يتوهم نقلهم (عليهم السلام) ذلك اللفظ عن معناه الحقيقي الذي هو الوجوب أو التحريم واستعماله في معنى مجازي من غير نصب قرينة أو تنبيه على ذلك؟ وهل هو إلا من قبيل التعمية والألغاز؟ وشفقتهم على شيعتهم وحرصهم على هدايتهم بل علو شأنهم وعصمتهم تمنع من ذلك.
و (ثانيها) أن ما استند إليه هذا القائل من كثرة ورود الأوامر والنواهي في أخبارهم للاستحباب والكراهة مردود ة بأنه إن كان دلالة تلك الأوامر والنواهي باعتبار قرائن قد اشتملت عليها تلك الأخبار حتى دلت بسببها على الاستحباب والكراهة فهو لا يقتضي حمل ما لا قرينة فيه على ذلك، وهل هو إلا قياس مع وجود الفارق؟ وإلا فهو عين المتنازع فلا يتم الاستدلال وهذا بحمد الله سبحانه واضح المجال لمن عرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال.
و (ثالثها) أن ما قدمنا من الآيات والأخبار الدالة على فرض طاعتهم ووجوب متابعتهم عامة شاملة لجميع الأوامر والنواهي إلا ما دلت القرائن على خروجه، فحينئذ لو حمل الأمر والنهي الوارد في كلامهم بدون القرينة الصارفة على الاستحباب والكراهة المؤذن بجواز الترك في الأول والفعل في الثاني، لم يحصل العلم بطاعتهم ولا اليقين بمتابعتهم، وكان المرتكب لذلك في معرض الخوف والخطر والتعرض لحر سقر، لاحتمال كون ما أمروا به إنما هو على وجه الوجوب والحتم وما نهوا عنه إنما هو على جهة التحريم والزجر، بل هو ظاهر تلك الأوامر والنواهي بالنظر إلى ما قلنا إلا مع الصارف، بخلاف ما إذا حملا على الوجوب والتحريم فإن