ومنه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قال شيخ من الأزد: انطلقت حاجا فإذا ابن عباس، والزحام عليه، يفتي الناس، حتى إذا متع الضحى وسئم، فجعلت أجد بي قدعا عن مسألته فسألته عن شراب كنا نتخذه. قال: يا بن أخي، مررت على جزور ساح، والجزور نافقة أفلا تقطع منها فدرة فتشويها قلت: لا. قال: فهذا الشراب مثل ذلك.
القدع: الجبن والانكسار. يقال: قدعته فقدع وانقدع.
ساح: سمينة.
نافقة: ميتة.
فدرة: قطعة.
حتى أدخل: يجوز رفعه ونصبه، يقال: سرت حتى أدخلها، حكاية للحال الماضية، وحتى أدخلها بالنصب باضمار أن.
الرمال: الحصير المرمول في وجه السرير.
في: ها هنا كالتي في قوله تعالى: في جذوع النخل متح أبي رضي الله تعالى عنه قال قيس بن عبادة: أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يكن أحد أحب إلي لقاء من أبي بن كعب، فجاء رجل فحدث فلم أر الرجال متحت أعناقها إلى شئ متوحها إليه، فإذا الرجل أبي بن كعب.
أي مدت أعناقها من متح الدلو.
وقوله: متوحها، لا يخلو من أن يكون موقعه موقع قوله: والله أنبتكم من الأرض نباتا أي فنبتم نباتا.
فمتحت متوحها من قولهم: متح النهار والليل إذا امتد، وفرسخ متاح: ممتد أو أن يكون المتوح كالشكور والكفور.
وإن روى أعناقها بالرفع فوجهه ظاهر.
والمعنى مثل امتدادها أو مثل مدها إليه.
وفي حديث ابن عباس: قال أبو خيرة: قلت له: أأقصر الصلاة إلى الأبلة قال:
تذهب وترجع من يومك قلت: نعم. قال: لا، وإلا يوما متاحا.
أي لا تقصر إلا في مسيرة يوم طويل، وكأنه أراد اليوم مع ليلته. وهذه سفرة مالك.
وعن الشافعي أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ.
ونحوه ما رووا عن ابن عباس: إنه قال: يأهل مكة، لا تقصروا في أدنى من أربعة برد