هرقل فلما أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم غلق عليه وعليهم الدار قال نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال يدعوني أن أتبعه على دينه أو أن نعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا أو نلقي إليه الحرب والله لقد عرفتم فيما تقرؤن من الكتب لتأخذن ما تحت قدمي فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من براسنهم وقالوا أتدعونا إلى أن نذر النصرانية أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز فلما ظن أنهم ان خرجوا أفسدوا عليه رفاقهم وملكه قال إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم ثم دعا رجلا من عرب تجيب كان على نصارى العرب قال ادع لي رجلا حافظا للحديث عربي اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه فجاءني فدفع إلي هرقل كتابا فقال اذهب بكتابي إلى هذا الرجل فما صغيت من حديثه فاحفظ منه ثلاث خصال انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشئ وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل وانظر في ظهره هل به شئ يريبك فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك فإذا هو جالس بين أصحابه على الماء فقلت أين صاحبكم قيل هاهو ذا فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال ممن أنت قلت أنا أحد تنوخ فقال هل لك في الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم قلت اني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم قال إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين يا أخا تنوخ إني كتبت بكتابي إلى النجاشي فخرقها والله مخرقه ومخرق ملكه وكتبت إلى صاحبكم بصحيفة فأمسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير قلت هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها وأخذت سهما من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي ثم أنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره فقلت من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم قالوا معاوية فإذا في كتاب صاحبي يدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين فأين النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله
(٢٣٥)