ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا شهادة، (1) ولا الحياة مع الظالمين إلا برما.
قال: فقام زهير بن القين البجلي، فقال لأصحابه: تكلمون، أم أتكلم؟
قالوا: لا، بل تكلم فحمد الله فأثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، والله! لو كانت الدنيا لنا باقية، وكنا فيها مخلدين إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.
قال: فدعا له الحسين (عليه السلام) ثم قال له خيرا. (2) وأضاف ابن شعبة الحراني: إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون. (3) [399] - 182 - وعنه:
ثم إنه (عليه السلام) دخل، واجتمع إليه أصحابه، وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان به، فدخل خيمة قد ضربت له، فاجتمع إليه جماعة من أصحابه، وعاد أصحابه إلى صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها، فلما كان وقت العصر أمر الحسين (عليه السلام) أن يتهيؤا للرحيل، ثم إنه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام، فاستقدم الحسين (عليه السلام) فصلى ثم سلم وانصرف إلى القوم بوجهه،