حتى نأتي بك على الأمير.
فتبسم الحسين (عليه السلام)، ثم قال: يا ابن الحر! أو تعلم أن الموت أدنى إليك من ذلك.
ثم التفت الحسين (عليه السلام) فقال: إحملوا النساء ليركبوا حتى ننظر ما الذي يصنع هذا وأصحابه!
قال: فركب أصحاب الحسين وساقوا النساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير، فضرب الحسين (عليه السلام) بيده إلى سيفه، ثم صاح بالحر:
ثكلتك أمك! ما الذي تريد أن تصنع؟
فقال الحر: أما والله! لو قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان، ولكن لا والله! ما لي إلى ذلك سبيل من ذكر أمك، غير أنه لابد أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد. فقال له الحسين (عليه السلام): إذا والله! لا أتبعك، أو تذهب نفسي.
قال الحر: إذا والله! لا أفارقك أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي.
قال الحسين (عليه السلام): برز أصحابي وأصحابك وأبرز إلي، فإن قتلتني خذ برأسي إلى ابن زياد، وإن قتلتك أرحت الخلق منك.
فقال الحر: أبا عبد الله! إني لم أومر بقتلك، وإنما أمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على ابن زياد، وأنا والله كاره إن سلبني الله بشيء من أمرك، غير أني قد أخذت ببيعة القوم وخرجت إليك، وأنا أعلم أنه لا يوافي القيامة أحد من هذه الأمة إلا وهو يرجو شفاعة جدك محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنا خائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة! ولكن أنا أبا عبد الله! لست أقدر الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا، ولكن خذ عني هذا الطريق وامض حيث شئت حتى أكتب إلى ابن زياد أن هذا خالفني في الطريق فلم أقدر عليه، وأنا أنشدك الله في نفسك.