شر الناس العلماء السوء 1.
وقول أبي الدرداء: ويل للذي لا يعلم مرة، ولو شاء الله لعلمه، وويل للذي يعلم [ولا يعمل] 2 سبع مرات 3. أي إن العلم حجة عليه، إذ يقال له: ما ذا عملت فيما علمت؟ وكيف قضيت شكر الله تعالى؟
وقال صلى الله عليه وآله:
إن أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه 4.
فهذا وأمثاله مما قد أسلفناه في صدر هذا الباب وغيره أكثر من أن يحصى.
والذي أخبر بفضيلة العلم هو الذي أخبر بذم العلماء المقصرين في العمل بعلمهم وأن حالهم عند الله أشد من حال الجهال، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض 5.
وأما علم المعرفة بالله تعالى، وما يتوقف عليه من العلوم العقلية، فمثل العالم به المهمل للعمل المضيع لامر الله تعالى وحدوده في شدة غروره، مثل من أراد خدمة ملك، فعرف الملك، وعرف أخلاقه وأوصافه ولونه وشكله وطوله وعرضه وعادته ومجلسه، ولم يتعرف ما يحبه ويكرهه ويغضب عليه، وما يرضى به، أو عرف ذلك إلا أنه قصد خدمته، وهو ملابس لجميع ما يغضب به، وعاطل عن جميع ما يحبه من زي وهيأة وحركة وسكون، فورد على الملك، وهو يريد التقرب منه والاختصاص به، متلطخا بجميع ما يكرهه الملك، عاطلا من جميع ما يحبه، متوسلا إليه بمعرفته له، ولنسبه واسمه وبلده وشكله وصورته، وعادته في سياسة غلمانه ومعاملة رعيته.