الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول الله! وما دخولهم في الدنيا، قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم 1.
وغيره من الأحاديث.
واعلم أن القدر المذموم من ذلك ليس هو مجرد اتباع السلطان كيف اتفق، بل اتباعه ليكون توطئة له ووسيلة إلى ارتفاع الشأن، والترفع على الاقران وعظم الجاه والمقدار وحب الدنيا والرئاسة ونحو ذلك، أما لو اتبعه ليجعله وصلة إلى إقامة نظام النوع إعلاء كلمة الدين وترويج الحق وقمع أهل البدع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك، فهو من أفضل الأعمال فضلا عن كونه مرخصا، وبهذا يجمع بين ما ورد من الذم وما ورد أيضا من الترخيص في ذلك 2، بل من فعل جماعة من الأعيان كعلي بن يقطين وعبد الله النجاشي وأبي القاسم بن روح أحد الأبواب الشريفة ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ونوح بن دراج 3، وغيرهم من أصحاب الأئمة، ومن الفقهاء مثل السيدين الأجلين المرتضى والرضي وأبيهما والخواجة نصير الدين الطوسي، والعلامة بحر العلوم جمال الدين ابن المطهر وغيرهم.
وقد روى محمد بن إسماعيل بن بزيع - وهو الثقة الصدوق - عن الرضا عليه السلام أنه قال:
إن لله تعالى بأبواب الظالمين من نور الله به البرهان ومكن له في البلاد، ليدفع بهم عن أوليائه ويصلح الله به أمور المسلمين، لأنه ملجأ المؤمنين من الضرر، وإليه يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، بهم يؤمن الله روعه المؤمن في دار الظلمة، أولئك المؤمنون حقا، أولئك أمناء الله في أرضه، أولئك نور الله تعالى في رعيتهم يوم القيامة،