والمناقشة عليه أعظم، وهو تطهير النفس عن الرذائل الخلقية: من الكبر والرئاء والحسد والحقد، وغيرها من الرذائل المهلكات، مما هو مقرر في علوم تختص به، وحراسة اللسان عن الغيبة والنميمة، وكلام ذي اللسانين، وذكر عيوب المسلمين وغيرها. وكذا القول في سائر الجوارح، فإن لها أحكاما تخصها وذنوبا مقررة في محالها، لابد لكل أحد من تعلمها وامتثال حكمها، وهي تكليفات لا توجد في كتاب البيوع والإجارات وغيرها من كتب الفقه، بل لا بد من الرجوع فيها إلى علماء الحقيقة العاملين، وكتبهم المدونة في ذلك.
وما أعظم اغترار العالم بالله تعالى في رضاه بالعلوم الرسمية، وإغفاله إصلاح نفسه وإرضاء ربه تبارك وتعالى.
وغرور من هذا شأنه يظهر لك من حيث العلم ومن حيث العمل: 1 أما العمل، فقد ذكرنا وجه الغرور فيه، وأن مثاله مثال المريض إذا تعلم نسخة الدواء، واشتغل بتكراره وتعليمه، لا بل مثاله مثال من به علة البواسير والبرسام، وهو مشرف على الهلاك، محتاج إلى تعلم الدواء واستعماله، فاشتغل بتعلم دواء الاستحاضة، وتكرار ذلك ليلا ونهارا، مع علمه بأنه رجل لا يحيض ولا يستحيض، ولكنه يقول: ربما يقع علة الاستحاضة لامرأة، وتسألني عنه، وذلك غاية الغرور، حيث ترك تعلم الدواء النافع لعلته مع استعماله، ويشتغل بما ذكرناه. كذلك المتفقه المسكين، قد تسلط عليه اتباع الشهوات، والاخلاد إلى الأرض 2، والحسد والرئاء والغضب والبغضاء والعجب بالاعمال التي يظنها من الصالحات، ولو فتش عن باطنها وجدها من المعاصي الواضحات، فليلتفت إلى قوله صلى الله عليه وآله:
.