موارد (1) الهلكات ولا تتدنس برذائل الملكات ولزومها لقانون العدل الذي هو (2) وسط بين طرفي الافراط والتفريط فيما يقودها إليه تلك القوى وتمنيها من أباطيل المنى فإذا فرضنا انها انزجرت مثل ذلك الانزجار عن نظرها بعين البصيرة إلى حطام هذه الدار فلا شك ولا شبهة انها قد حصلت على الاستعداد المستلزم لنيل السعادة الباقية، واستشعرت لباس الامن سموم عقارب اللذات الفانية، واما ان ذلك الاتعاظ من الغير فلان كل موجود ممكن لا ينفك عن دليل واضح على الحكمة الإلهية وبرهان شاهد على كمال العناية الربانية ففي كل شئ له ايه * تدل على أنه واحد فإذا اطلعت النفس على اثر رحمة الله أو اثر سخطه لاح لها ان المطلوب ليس هو ما يميل قواها البدنية إليه وليس المراد ما تقبل بوجهها عليه فتتقهقر حينئذ عن طاعتها المردية وتنزجر عن متابعتها المؤذية إلى القانون العدلي ولا شك ان لزوم ذلك القانون معد لقبول السعادات الأبدية.
وقد وردت هذه الكلمة برواية أخرى وهي:
السعيد من اعتبر بغيره. وتقديرها على هذه الرواية: من اعتبر بغيره، فان فسرنا الاعتبار بالاتعاظ لم يكن بين الروايتين مغايرة إلا في اللفظ، وان فسرناه بالمجاوزة والتعدي كما سبق احتجنا في بيان اللازم للملزوم وهو ثبوت السعادة للمعتبر إلى وسط هو الاتعاظ، اما المقدمة الأولى فلان المعتبر إذا نظر إلى وفق الامر الإلهي: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض (3) فاعتبروا يا أولى الابصار (4) فاستوفى شرائط النظر كان ذلك النظر مستلزما للمجاوزة إلى المطلوب استلزام الكل لجزئه (5) فإذا حصل المطلوب على وجهه كان