الا بآلة جسمانية ولان البهائم الخالية عن (1) العقل لها هذا الحكم فان صورة العشب وطعمه مدركان لها فإذا للمحسوسات الظاهرة اجتماع في قوة وراء العقل وإذ (2) ليس ولا واحد من الحواس الظاهرة كذلك لاختصاص كل منها بمدرك خاص فلابد من قوة أخرى باطنة وهو المطلوب.
الثاني - نرى القطر النازل خطا مستقيما مع أنه ليس في الخارج الا قطرات متفاصلة فهو إذا في الشعور فيكون في قوة مدركة له وليست القوة الباصرة فان البصر لا ينطبع فيه الشئ الا كما هو في الخارج، ولا النفس لأنها لا تدرك الجزئيات فلابد من قوة أخرى وهو المطلوب.
الثاني - الخيال وهو قوة مرتبة في الجزء الأخير من التجويف المقدم من الدماغ واما فعلها فحفظ الصور المحسوسة بعد غيبتها عن الحس وبقائها فيها، واما برهان مغايرتها فلان الحس مدرك وهذه القوة حافظة والحفظ غير الادراك والقبول فان الماء له قوة قبول الاشكال لرطوبته وليس له قوة الحفظ لعدم اليبوسة، وليسا بقوة واحدة لاستحالة ان يصدر عن القوة الواحدة اثران (3) فإذا الحفظ لقوة أخرى تجرى مجرى الخزانة لقوة الحس المشترك يجتمع (4) فيها ما تقتنصه من صور المحسوسات بالحواس الظاهرة.
الثالث - الوهم وهو قوة مرتبة في اخر التجويف الأوسط من الدماغ، وفعلها ادراك المعاني الجزئية الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات كادراك الشاة معنى في الذئب يوجب الهرب ومعنى في التيس (5) يوجب الطلب وهي في سائر الحيوان بمنزلة العقل للانسان وقد تكون هذه القوة في بعض الحيوانات أشد وأقوى من بعض، والفرق بينهما وبين مدرك الصور الجزئية ظاهر.
الرابع - الحافظة وتسمى الذاكرة باعتبار آخر وهي قوة مرتبة في التجويف