رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمكة، فدخل على فاطمة عليها السلام وهي قد أحلت فوجد ريحا طيبة، ووجد عليها ثيابا مصبوغة، فقال: ما هذا يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرج علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مستفتيا ومحرشا على فاطمة عليها السلام فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني رأيت فاطمة قد أحلت، عليها ثياب مصبوغة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أمرت الناس بذلك، وأنت يا علي بما أهللت؟
قال: قلت: يا رسول الله إهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وآله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
كن على إحرامك مثلي، وأنت شريكي في هديتي، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه، ولم ينزل الدور، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج، وهو قول الله الذي أنزله على نبيه: " واتبعوا ملة أبيكم إبراهيم " فخرج النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه مهلين بالحج حتى أتوا منى فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر، ثم غدا والناس معه فكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع ويمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله وقريش ترجو أن يكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله على نبيه:
" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله " يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم، فلما رأت قريش أن قبة رسول الله صلى الله عليه وآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شئ للذي كانا يرجون من الإفاضة من مكانهم حتى انتهوا إلى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك فضربت قبته، وضرب الناس أخبيتهم عندها فلما زالت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد، فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم، ثم صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، ثم مضى إلى الموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقضون " يقفون " إلى جنبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: " أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كله موقف " وأوما بيده إلى الموقف، فتفرق الناس وفعل مثل ذلك بمزدلفة، فوقف حتى وقع القرص قرص الشمس،