وذكر الوعيد عليه - وباليد ما لم يؤد العمل بها إلى سفك الدماء، وما تولد من ذلك من إخافة المؤمنين على أنفسهم، والفساد في الدين. فإن خاف الإنسان من الإنكار باليد ذلك لم يتعرض (1) له. وإن خاف بإنكار اللسان أيضا ما ذكرناه أمسك عن الإنكار به، واقتصر على إنكاره بالقلب (2).
فأما إقامة الحدود: فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى، وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان. فمن تمكن من إقامتها على ولده وعبده، ولم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك، فليقمها. ومن خاف من الظالمين اعتراضا عليه في إقامتها، أو خاف ضررا بذلك على نفسه، أو على الدين، فقد سقط عنه فرضها. وكذلك إن استطاع إقامة الحدود على من يليه من قومه، وأمن بوائق (3) الظالمين في ذلك، فقد لزمه إقامة الحدود عليهم، فليقطع سارقهم، ويجلد زانيهم، ويقتل قاتلهم. وهذا فرض متعين على من نصبه المتغلب لذلك على ظاهر خلافته له أو الإمارة من قبله على قوم من رعيته، فيلزمه إقامة الحدود، وتنفيذ الأحكام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار ومن يستحق ذلك من الفجار، ويجب على إخوانه من (4) المؤمنين معونته على ذلك إذا استعان بهم ما لم يتجاوز حدا من حدود الإيمان، أو يكون مطيعا في معصية الله تعالى من نصبه من سلطان الضلال. فإن كان على وفاق للظالمين في شئ يخالف الله تعالى به لم يجز لأحد من المؤمنين معونته فيه، وجاز لهم معونته بما يكون به مطيعا لله تعالى من إقامة