وقد تحصل مما ذكرنا ان نفى التقية فيها إنما هو من باب التخصص والخروج الموضوعي، لا من باب التخصيص والخروج الحكمي.
واما احتمال كونها من باب التخصيص بان يكون المراد نفى جوازها، لو فرض هناك خوف وقوع النفس في الخطر وكان المقام بالغ الخطورة، نظرا إلى أهمية هذه الأحكام أعني حكم تحريم الخمر، ومشروعية متعة الحج، وعدم جواز المسح على الخفين، فهو ممنوع جدا.
لأن مثل المسح على البشرة أو متعة الحج ليس أهم من جميع الأحكام الاسلامية حتى ينفرد بهذا الاستثناء كما لا يخفى.
بل الانصاف ان الروايات ناظرة إلى ما ذكرنا من عدم الحاجة و الضرورة غالبا إلى التقية في هذه الأمور بعد وضوح مأخذها من كتاب الله والسنة القاطعة.
فعلى هذا لو أغمضنا النظر عن هذه الغلبة وكان هناك ظروف خاصة لا يمكن فيها اظهار هذه الأحكام، لغلبة الجهل والعصبية على أهلها وكان المقام بالغ الخطورة، الخطر على النفوس أو الأموال والاعراض ذات الأهمية فلا ينبغي الشك في جواز التقية في هذه الأمور أيضا.
أرأيت لو كان هناك حاكم مخالف جائر يرى المسح على الخفين لازما أو يحرم متعة الحج ويقتل من لا يعتقد بذلك بلا تأمل، فهل يجوز ترك التقية فيها واستقبال الموت؟ كلا لا أظن أن يلتزم به أحد، وكذلك المضار التي دون القتل مما يكون في مذاق الشارع أهم من رعاية هذه الأحكام في زمن محدود، لا يجب تحملها ورفض التقية فيها.
ومما ذكرنا يظهر ان ما استنبطه " زرارة " في الرواية السابقة