ومنها - ما إذا كان وظيفة خاصة يكفي في القيام بها عدد محصورون وكان هناك جمع كثيرون صالحون له وكان تخصيص بعضهم بها دون بعض، تحميلا بغير دليل ومثارا للفتنة، (فح) يرجع إلى القرعة، وكذلك حال الموظفين من العسكريين وغيرهم بالنسبة إلى بعثهم إلى أمكنة مختلفة وغيرها إذا لم يكن هناك معين أو مرجح.
ومنها - إذا كان هناك أمر يجب قيام كل واحد به، ولكن تدريجا وكان تقديم بعض وتأخير آخر بلا دليل ظلما واجحافا وجلبا للضغائن، ولم يكن هناك طريق آخر يرجع إليه فلا شك (ح) في رجوعهم إلى القرعة... إلى غير ذلك من اشباهه.
وبالجملة لا شك في اعتبار القرعة بين العقلاء اجمالا ورجوعهم إليها وفصل النزاع أو ما يمكن ان يقع النزاع فيه بها.
والظاهر أن هذا ليس أمرا مستحدثا في عرفنا، بل كان متداولا بينهم من قديم الأيام، والظاهر أن رجوع أهل السفينة إليها في تعيين من يلقى في البحر - في قضية يونس - وكذلك رجوع عباد بني إسرائيل إليها، في أمر مريم لم يكن استنادا إلى حكم شرعي، وضع في شرائعهم بل استنادا إلى حكم عقلائي كان متداولا بينهم من قديم الأزمنة، وهكذا الكلام في رجوع شيخ البطحاء عبد المطلب إليها في تعيين فداء ولده عبد الله والظاهر أنه أيضا من هذا الباب.
كما أنه لا شك في أن رجوعهم إليها ليس لكشفها عن الواقع، وإرائتها شيئا مجهولا لهم، فإنه لا كاشفية فيها عندهم أصلا، وإنما يعتبرونها للفرار عن الترجيح بالميول والأهواء وما يكون مثارا للفتنة والبغضاء، لكونه ترجيحا بلا مرجح.
* * *