في البحر لم يغرق الباقون.
وعلى كل حال اقترعوا فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرات، فعلموا انه المطلوب فالقوه في البحر، وفى رواية ان أهل السفينة لما رأوا الحوت قد فتح فاه قدام السفينة قالوا فينا عاص، فتساهموا فخرج سهم يونس فالقوه في البحر فالتقمه الحوت (1) ثم لا يخفى ان الفاعل في قوله تعالى (ساهم) هو يونس فهو دليل على تسليمه للقرعة واشتراكه في فعلها وعدم الانكار عليهم، فلو لم يكن في شرعه جائزا لما أقدم هو عليها.
وفى تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر (ع) ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم - إلى أن قال - فساهمهم فوقعت السهام عليه فجرت السنة بان السهام إذا كانت ثلث مرات انها لا تخطى الحديث (2) وهذا دليل واضح على امضاء هذا الحكم في شرعنا أيضا ولكن هنا أمران:
أحدهما - ان القرعة في هذه الواقعة لو كانت لاستكشاف آبق أو عاص أو مطلوب بين أهل السفينة، كما في غير واحد من الروايات والتفاسير الواردة من طرق أهل البيت (ع)، فهو من الأمور المشكلة التي لها واقع ثابت مجهول، اما لو كانت العلة فيها عدم وجود مرجح في القاء بعضهم لتخفيف السفينة بعد أن ثقلت عليهم واشرفوا على الغرق، فهو من الأمور المشكلة التي لا واقع لها مجهول، ولكن الأطهر بحسب الروايات والتفاسير هو الأول.
ثانيهما - ان ظاهر الآية جواز الاقدام على هلاك أحد بالقرعة عند الضرورة أو شبهها، فهل هذا أمر جائز يمكن الحكم بمقتضاه حتى في هذه الشريعة ولو اجتمع فيه جميع الشرائط التي اجتمعت في أمر يونس (ع) أولا؟ والمسألة لا تخلوا عن اشكال و تحتاج بعد إلى تأمل.
(1) رواه العلامة المجلسي في البحار في المجلد 5 ص 360 (2) رواه في البحار عن تفسير العياشي في المجلد 5 ص 364