جزء منه، بحيث كلما غفل عنه وقف عن العمل لعدم اعتياده به.
ولكن بعد الاتيان به مرات عديدة - تتفاوت بتفاوت الأعمال والاشخاص - يحصل له ملكة خاصة ونوع من الارتكاز الاجمالي بالنسبة إلى تفاصيل العمل وخصوصياته و اجزائه، ويقوم ذلك مقام الذكر الكامل والعلم بتفاصيله.
وحينئذ صورة العمل وخصوصياته وان محت عن صفحة ذهنه، عند غلبة الغفلة، لكنها بعد مرتكزة في اعمال ذهنه وباطن شعوره، ولذا يأتي بها غالبا على وجه الصحة حينئذ ولا يقف عنه عند انصراف ذهنه وغلبة الغفلة كالمتردد الحائر، كيف لا، والفعل فعل إرادي اختياري لابد من استناده إلى إرادة ما قطعا.
والحاصل ان الفاعل في هذه المقامات ليس ساهيا غافلا بالمرة، بل هو ذاكر بنوع من الذكر، سمه (الذكر الاجمالي) أو ما شئت.
بقي هنا أمران.
الأول - ان بناء العقلاء على هذه القاعدة في أمورهم لا يلازم القول باتحاد سعة دائرتها عند الشرع مع ما هو عندهم، فلو دلت الاطلاقات السابقة على جريانها في موارد لم يثبت استقرار السيرة العقلائية عليها يبنى عليها، فكم من أصل أو قاعدة أو امارة ثبت في الشرع بنحو أوسع أو أضيق مما عند العرف والعقلاء، مع كون أصولها متخذة منهم.
الثاني - الظاهر أن بناء العقلاء على هذه القاعدة في أفعالهم إنما هو في موارد لم يكن قرائن ظنية يعتنى بها على خلافها، فلو كان الفاعل ممن يكثر عليه السهو، أو نحو ذلك من القرائن والأمارات الظنية الغالبة، أشكل الركون إليها عند الشك في العمل ولو بعد الفراغ والتجاوز منه.