علاجها وهو باب (التعادل والترجيح) وخامسها أبحاث تدور حول (الاجتهاد والتقليد) وحجية قول المجتهد للعامي وحدودها وشرائطها فهي قسم من بحث الحجج الشرعية الا انها مخصوصة بالمقلدين، كما أن ما قبلها أعني أبحاث التعادل والترجيح ترجع إليها أيضا لأنها ترجع إلى تعيين ما هي الحجة من الأدلة المتعارضة.
ثم لا ريب ان علم الأصول لم يكن بادي الامر مشتملا على عامة تلك الأبحاث كما يظهر بمراجعة كتب الأقدمين من الأصوليين، بل زيدت عليه تدريجا حتى بلغ ما نشاهده اليوم ولا شك في انا نرى نحوا من الارتباط بين هذه المسائل اجمالا بحيث لا يستنفر الطبع من جعلها علما واحدا منفردا بالتدوين، وهذا شئ يظهر للناظر في أول نظره، كما انا نرى بينهما اشتراكا في الأثر وهو انها تعطى الفقيه قدرة قريبة على كشف الأحكام الشرعية عن مداركها، واشتراك جميع مسائلها في هذا الأثر أيضا مما لا ينكر، أضف إلى ذلك انا نرى فرقا واضحا بين هذه المسائل وسائر العلوم التي يحتاج إليها في الفقه كعلمي الرجال والحديث واللغة وغيرها بحيث إذا عرض علينا بعض تلك المسائل لم نشك انها من الأصول أو ليست منها، كل ذلك معلوم بالوجدان.
وهذه الأمور، أعني الارتباط الذي يوجد بين تلك المسائل، واتحادها في الأثر الخاص، وتمايزها عن مسائل سائر العلوم، المعلوم بالوجدان اجمالا، كلها حاكية عن وجود نوع من الوحدة بين تلك المسائل يتجلى بانحاء مختلفة ومن الواضح ان جمع هذه المسائل المختلفة بهذا النحو وجعلها علما واحدا كما تصدى له جمع من المحققين وقرره الآخرون لم يكن صدفة واتفاقا بل لم يحملهم على ذلك الا الربط الواقعي بينها.
فاذن لا يمكننا القول بخروج بعض هذه الأبحاث من المسائل الأصلية وعدها بحثا استطراديا كما ارتكبه كثير منهم، حتى جعل المحقق القمي قدس سره جل تلك المباحث الا ما شذ منها خارجا عن مسائل الأصول داخلا في مباديها، نظرا إلى انها ليست أبحاثا عن عوارض الأدلة الأربعة بل عن الأدلة بما هي أدلة. وليت شعري إذا كانت عامة مباحث الألفاظ وجميع أبحاث الأدلة الاجتهادية وكذا الأصول العملية خارجة عن علم الأصول فأين هذا العلم الذي فرع الاسماع وملاء الكتب؟ وهل هو البحث عن أحوال تعارض