إلى سواء السبيل، ولست انسى ان بعض أساتذة الكرام يرى أن التعرض لمثل هذه المسائل لا يخلو عن شبهات شرعية. ولعلها بملاحظة ما نرى من أن الاسلام اليوم في أشد الحاجة إلى العلماء الذابين عن حوزته بعلومهم النافعة، فصرف الوقت في غيرها يمنع عن هذه المهمة.
ومن العجب ان كثيرا من الباحثين مع علمهم بجميع هذه الأمور وقولهم في المجالس (كيت وكيت) إذ اشتغلوا بالبحث لا يملكون أنفسهم عن متابعة الباقين فلعلهم يحسبون عدم التعدي عن طورهم في سرد جميع هذه المباحث، اقتداءا محمودا للسلف الصالح رضوان الله عليهم فكأنهم نسوا طريقتهم في عدم الخضوع قبال اية مسألة من المسائل العلمية المنقولة عنهم الا بالدليل القطعي، لا ينظرون إلى القائل و لا يرون في هذا اية منافاة للأسوة الحسنة بهم واقتفاء آثارهم قدس الله اسرارهم فإذا كانوا يطالبوهم الدليل القاطع على آرائهم في تلك المسائل فكيف لا يطالبونهم الدليل على جعلها في عداد مسائل العلوم وفى كيفية البحث عنها.
أو لعلهم يعتقدون بوجود (فوائد علميه) في هذه المباحث، وان خلت عن (نتائج علمية) لكنهم نسوا ان فائدة هذه العلوم لا تظهر الا في العمل، فما لا فائدة عملية فيه لا يستحق البحث، فإن هذه العلوم ليس من العلوم التي تطلب لذاتها كالعلوم الباحثة عن توحيد الله تعالى وصفاته وأسمائه.
أو لعلهم يزعمون أن مخالفة علمائنا الأكابر رضوان الله عليهم في هذه الأمور تمس كرامتهم وتضر بشأنهم، ولكن الحق ان الجمود على ما أفادوه وترك السعي في تهذيبها وتنقيحها وتكميلها أمس بكرامتهم واضر بشأنهم، لأنه إضاعة لما راموه من أهداف العلم وتقدمه نحو الكمال. جزاهم الله عن الدين وأهله خير الجزاء ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في صدورنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم