فإنك لا تدري أتصيب فيهم أم لا وأجاب عنه النووي في شرح مسلم بأن المراد: أنه لا يأمن أن ينزل وحي عليه (ص) بخلاف ما حكم به. وهذا الحكم منتف بعد النبي (ص). فلهذا قال في الواضح: يكره. وقال في المبهج: لا ينزلهم. لأنه كإنزالهم بحكمنا. ولم يرضوا به.
وعلى الأول: فيخير، (بين القتل، والرق، والمن والفداء) لما تقدم في الامام. (ويكره نقل رأس) كافر من بلد إلى بلد (ورميه بمنجنيق بلا مصلحة) لما روى عقبة بن عامر: أنه قدم على أبي بكر الصديق برأس بنان البطريق. فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، فإنهم يفعلون ذلك بنا. قال: فأذن بفارس والروم: لا يحمل إلي رأس، إنما يكفي الكتاب والخبر قال الشيخ تقي الدين: وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد. ولا يكون نكالا لهم عن نظيرها. فأما إن كان في التمثيل السائغ دعاء لهم إلى الايمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع. ولم تكن القصة في أحد كذلك. فلهذا كان الصبر أفضل.
(ويحرم أخذه) أي الأمير (مالا ليدفعه) أي الرأس (إليهم) أي إلى الكفار. لحديث ابن عباس:
إن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين. فأبى النبي (ص) أن يبيعهم وضعفه عبد الحق وابن القطان. ورواه أحمد وفيه: ادفعوا إليهم جيفته فإنه خبيث الجيفة، خبيث الدية فلم يقبل منهم شيئا. وله في رواية حنبل: فخلى بينهم وبينه.
باب ما يلزم الامام والجيش يلزم كل أحد: إخلاص النية لله تعالى في الطاعات. ويجتهد في ذلك. ويستحب أن يدعو سرا بحضور قلب، لما في حديث أنس قال: كان النبي (ص) إذا غزا قال: اللهم أنت عضدي، ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل رواه أبو داود بإسناد جيد.
وكان جماعة منهم الشيخ تقي الدين يقوله عند قصد مجلس العلم. و (يلزم الامام أو الأمير إذا أراد الغزو أن يعرض جيشه، ويتعاهد الخيل والرجال) لأن ذلك من مصالح الجيش.