مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣١٦
افتخر بنسبة إلى محمد بن عبد الله القاضي، لا يهجو والده القاضي عبد الله، وأن أبا الفرج هذا هو أحمد بن محمود بن الحسين ولد كشاجم البكر.
أبو نصر بن أبي الفتح كشاجم، أو أبو النصر ذكرنا سابقا أن كشاجم لم يذكر في ديوانه سوى ولد واحد، وإن أشار إلى أنه كان له أصيبية. ونرجح أنه لم يعش منهم سوى اثنين أبي الفرج بكره، وأبي نصر. وأول مصدر ورد فيه ذكر أبي نصر هو نشوار المحاضرة لأبي علي التنوخي، وهو أيضا أقدم نص جاء على ذكره فيما عرفناه، وكان أبو نصر بن كشاجم، كاتب أبي علي الحسن بن أحمد القرمطي المعروف بالأعصم (1). وحين عاد الأعصم إلى دمشق غازيا سنة 360 ه استولى عليها، وقتل نائبها الفاطمي جعفر بن فلاح، ثم توجه إلى مصر سنة 361 ه. ثم عاد إلى بلاد الشام حيث استقر بالرملة حتى وافته المنية سنة 366 ه. ونرجح أن الأعصم الذي كان شاعرا، محبا للأدباء والشعراء، كان يقيم في داره بالرملة مجالس أدبية، وكان الشعراء يجيزون ما يقول، وكان ابن كشاجم، أبو نصر قد التحق به، فقربه وأدناه، وجعله كاتبه منذ عاد إلى بلاد الشام. ففي سنة 365 ه حسب رواية أبي علي التنوخي، كان أبو نصر بالرملة، يلازم الأعصم، كاتبه ونديمه أيضا. وكان للأعصم مجالس أدب يحضرها الأدباء والفقهاء والشعراء. وكان أبو نصر شاعرا، وكاتبا للأعصم، مما جعل بعض المؤرخين يخلطون بينه وبين أبيه كشاجم، فجعلوا كشاجم من وفيات عشر الستين، كما جعلوه كاتبا للقرمطي (2)! ولأهمية رواية أبي علي التنوخي 384 ه، وقربها من العصر الذي عاش فيه أبو نصر بن كشاجم، ننقلها كما وردت على لسان محمد بن عثمان الخرقي الفارقي الذي رواها بنفسه لأبي علي التنوخي في إحدى زياراته. قال محمد بن عثمان:
كنت بالرملة سنة ثلاثمائة وخمس وستين، وقد ورد إليها القرمطي أبو علي القصير الثياب، فاستدناني منه، وقربني إلى خدمته. فكنت ليلة عنده إذ حضر الفراشون بالشموع. فقال لأبي نصر بن كشاجم، وكان كاتبه: يا أبا نصر، ما يحضرك في صفة هذه الشموع؟، فقال: إنما نحضر مجلس السيد، لنسمع كلامه، ونستفيد من أدبه، فقال أبو علي القرمطي في الحال بديها:
ومجدولة مثل صدر القنا * تعرت، وباطنها مكتسي لها مقلة هي روح لها * وتاج على الرأس كالبرنس إذا غازلتها الصبا حركت * لسانا من الذهب الأملس وإن رنقت لنعاس عرا * وقطت من الرأس لم تنعس وتنتج في وقت تلقيحها * ضياء يجلي دجى الحندس فنحن من النور في أسعد * وتلك من النار في أنحس فقام أبو نصر بن كشاجم، وقبل الأرض بين يديه، وسأله أن يأذن له في إجازة الأبيات، فاذن له فقال:
وليلتنا هذه ليلة * تشاكل أشكال أقل يدس فيا ربة العود غني لنا * ويا حامل الكاس لا تجلس فتقدم بان يخلع عليه، وحملت إليه صلة سنية، وإلى كل الحاضرين.
وتناقل المؤرخون والباحثون القدماء هذه الرواية، فرواها ابن عساكر في تاريخه الكبير، وابن ظافر الأزدي في بدائعه، والكتبي في فواته، والمقريزي في نحله. أما ابن خلدون فقد أشار في تاريخه إلى أن كشاجم كان كاتبا للأعصم القرمطي، وقد اشتهر بخدمته للقرامطة، وقد خلط بينه وبين أبيه.
لعل أقدم من ذكر ولدي كشاجم، أو ذكر أن له ولدين هو الثعالبي في يتيمة الدهر كما ذكرنا سابقا.
وكان أبو نصر، مثل أبيه كشاجم، يرتحل في ربوع الشام ومصر، ولعل أبا نصر وأبا الفرج كانا مع والدهما كشاجم بمصر أيام القاضي عبد الله بن محمد بن الخصيب، قاضي الإخشيدية وكافور. وقد روى ابن حجر العسقلاني في كتابه رفع الإصر عن قضاة مصر، مقطوعتين لابن كشاجم، دون أن يسميه في هجاء القاضي عبد الله بن محمد بن الخصيب. وقد رجعنا سابقا أن يكون أبو نصر هو الذي هجا القاضي، لا أخوه أبو الفرج، إذ كان أبو الفرج معجبا بابن عبد الله محمد القاضي بعد أبيه، وكان بينهما تشابه سماه أبو الفرج نسبا. أما الجامع المشترك بينهما، أو النسب فهو في شدة الاحساس في اللمس لذلك استبعدنا هجاءه لأبي زميله.
وفي مصر، التقى أبو نصر وزير كافور أبا الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابه، وحين علم أن أبا الفضل يهم في الخروج إلى متنزهه (3) بالمقس، كتب إليه بيتين بماء الذهب على تفاحة حمراء! وأنفذها إلى الوزير المذكور، جاء فيهما:
إذا الوزير تجلى للنيل في الأوقات فقد أتاه سمياه جعفر بن الفرات وتبين لنا أن الوالد كشاجم مات بمصر، ولما مات هجاه محمد بن هارون بن الأكتمي المصري، كما هجا ابنيه أبا نصر وأبا الفرج، بقوله:
يا ابني كشاجم أنتما * مستعملان مجربان!
مات المشوم أبوكما * فخلفتماه على المكان وقرنتما في عصرنا * ففعلتما فعل القران لغلاء أسعار الطعام * وميتة الملك الهجان!

(١) هو الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي، أبو علي، وقيل أبو محمد، المعروف بالأعصم، ولد بالأحساء، وتوفي بالرملة سنة ٣٦٦ ه‍. تغلب على الشام سنة ٣٥٧ ه‍، ثم عاد إلى الأحساء. وفي سنة ٣٦٠ عاد إلى دمشق، وكسر جيش جعفر بن فلاح، أول نائب فاطمي بالشام، وقتله. ثم توجه إلى مصر، فحاصرها سنة ٣٦١ ه‍. ثم عاد إلى الأحساء، ثم رحل إلى الرملة حيث توفي سنة ٣٦٦ ه‍. وكان يظهر الطاعة للطائع لله العباسي ببغداد، وكان شاعرا، فصيحا على حد قول ابن تغري بردي (النجوم الزاهرة، ٤: ١٢٨). وكان شعره من أفحل الشعراء، على حد تعبير ابن كثير (البداية والنهاية، 11: 287). وكان أبو نصر، ابن كشاجم، كاتبه بالرملة.
(2) ابن خلدون، كتاب العبر، 4: 196، قال: ".. كان كاتبهم (أي القرامطة)، أبو الفتح الحسين بن محمود، ويعرف بكشاجم... وكتب لهم بعده ابنه أبو الفتح نصر، ولقبه كشاجم مثل أبيه. وكان كاتبا للأعصم ". والصواب هو أن أبا الفتح كشاجم هو محمود بن الحسين، وأن ابنه هو أبو نصر بن أبي انفتح بن كشاجم كما ذكرنا سابقا.
(3) المقس قرية قرب الفسطاط (القاهرة)، تقع على النيل، كان اسمها قبل الإسلام أم دنين.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370