السابعة: إن من معضلات الانتخاب أن أكثر أفراد المجتمع جاهلون غالبا بالنسبة إلى المسائل السياسية وأهلها وليس لهم استقلال في التفكير فتغلب عليهم العواطف والأحاسيس الآنية وتؤثر فيهم الدعايات الكاذبة، وقد لا يكون للأكثر منهم التزام ديني وتعهد أخلاقي فيمكن اشتراء آرائهم بالتطميع المالي والوعود البراقة أو التأثير عليهم بأساليب غريزية وإراءة الفتيات والأفلام المنكرة ونحو ذلك، وقد لا تكون لهم شجاعة وقوة نفسانية فيؤثر فيهم النفوذ المحلي والتهديدات ونحو ذلك، كما هو المشاهد في أعصارنا حتى في بعض الأمم التي يدعي أنها راقية. ففي الحقيقة لا تكون الآراء والأصوات ناشئة عن انتخاب أصيل واختيار من الناخبين.
الثامنة: هل الملاك في الانتخاب على القول به هو رأي الجميع، أو الأكثر، أو جميع أهل الحل والعقد، أو أكثرهم، أو رأي الحاضرين في بلد الإمام كالمدينة مثلا في العصر الأول؟ ما هو الحق في المسألة؟
التاسعة: إن حصول الإطباق والاتفاق مما يندر جدا بل لعله لا يقع، والأخذ بالأكثرية ولا سيما النسبية منها أو النصف بإضافة الواحد يوجب سحق حقوق الأقلية وضياعها، فكيف المخلص؟
ثم إنه ليس هنا مجتمع إلا ويوجد فيه الغائبون والقاصرون ومن يولد بعد الانتخاب، فكيف ينفذ انتخاب غيرهم بالنسبة إليهم؟ وكيف تحفظ حقوقهم في الثروات والأموال العامة كالمعادن والغابات والمفاوز ونحوها مما خلقه الله لكافة الناس؟ فهذه مشكلة عظيمة ربما لم يجد المفكرون لها مخلصا مقنعا.
العاشرة: لو قيل باعتبار الأكثرية في قبال الأقلية فلو فرض أن المفكرين و المثقفين وأهل الصلاح والسداد في طرف الأقلية، والهمج الرعاع وضعفاء العقول في طرف الأكثرية - كما لعله الغالب في كثير من البلاد - فهل تقدم الأكثرية الكذائية على الأقلية الصالحة؟ وبعبارة أخرى: هل الاعتبار بالكمية أو بالكيفية؟