وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه:
" واعلم أن قوما ممن لم يعرف حقيقة فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) زعموا أن عمر كان أسوس منه (عليه السلام)، وإن كان هو أعلم من عمر، وصرح الرئيس أبو علي بن سينا بذلك في الشفاء. " (1) هذا.
وموارد التزاحم لا تنحصر فيما ذكروه من الأمثلة بل هي كثيرة جدا بلحاظ الشروط الثمانية المعتبرة في الإمام، كما لا يخفى.
والظاهر أن هذا البحث لا مجال له على القول بالنصب من قبل الأئمة (عليهم السلام)، إذ المستفاد من أدلته المذكورة هو نصب الفقيه الجامع للشرائط ولا دليل على نصب غيره. فإذا لم يوجد الجامع لها فإن قلنا بصحة الانتخاب في هذه الصورة جرى البحث وإلا وجب كفاية على من يقدر، التصدي للشؤون من باب الحسبة، كما يأتي وجهه.
هذا.
والظاهر صحة الانتخاب وعموم أدلته لهذه الصورة أيضا.
لا يقال: أدلة اعتبار الشروط الثمانية في الوالي مخصصة لهذه العمومات بل لها نحو حكومة عليها.
فإنه يقال: لا يبعد كونها بنحو تعدد المطلوب; فمع إمكان الشرائط يجب رعايتها وجوبا شرطيا ولا تنعقد الإمامة لغير الواجد، ولكن مع عدم التمكن منها يكون أصل انتخاب الحاكم مطلوبا شرعا لعدم جواز تعطيل الحكومة وشدة اهتمام الشارع بها.
وحمل المطلق على المقيد إنما هو فيما إذا أحرزت وحدة الحكم في الجملتين، و في الأمور المهمة الضرورية على أي تقدير، لا تحرز وحدته لاحتمال تعدد المطلوب; نظير ما إذا قال المولى لعبده: " أنقذ ابني الأسير بوسيلة كذا. " فإذا فرض أن العبد لا يتمكن من الوسيلة الخاصة السريعة فهل لا يجب عليه إنقاذه بغير هذه الوسيلة