الحق ان القوانين والأنظمة الاجتماعية بحاجة إلى منفذ. في كل دول العالم لا ينفع التشريع وحده، ولا يضمن سعادة البشر، بل ينبغي أن تعقب سلطة التشريع سلطة التنفيذ. فهي وحدها التي تنيل الناس ثمرات التشريع العادل. لهذا قرر الإسلام إيجاد سلطة التنفيذ إلى جانب سلطة التشريع، فجعل للأمر وليا للتنفيذ إلى جانب تصديه للتعليم والنشر والبيان. " (1) أقول: وقد بلغ اهتمام الإسلام بالإمامة والحكومة حدا ورد أنه لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما. (2) ولا يخفى أن الدولة المعتمدة على الفطرة والاعتقاد الديني الثابت في أعماق القلب أتقن الحكومات وأحكمها، فان الاعتقاد القلبي ضامن لحفظها واحترام مقرراتها وليس كذلك الحكومات الدارجة المعتمدة على التغلب والقهر، فتدبر.
واعلم أن استيحاش أكثر الناس وتنفرهم من ألفاظ الملك والحكومة والسلطنة و نحوها إنما هو أمر عارض ناشىء عن ابتلائهم في أكثر الأعصار والأمصار بالحكومات الظالمة المستبدة أو غير اللائقة لإدارة شؤون الأمة، وإلا فأصل الملك أمر ممدوح مرغوب فيه عقلا وشرعا، كتابا وسنة إذا كانت الحكومة صالحة عادلة حائزة لرضا الأمة حافظة لحقوقها ملتزمة بتنفيذ القوانين المقبولة لدى الأمة.
قال الله - تعالى -: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور. " (3) وقال في قصة بني إسرائيل: " ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا. " (4)