قال محمد بن إدريس: ودليلنا نحن على صحة ما اخترناه قوله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، فأباحنا تعالى وطء ما ملكت أيماننا بمجرد الملكية، والآية عامة فمن خصصها يحتاج إلى دليل، وأيضا الأصل الإباحة ولا مانع من ذلك من كتاب أو سنة مقطوع بها أو إجماع.
وإذا باع جارية من غيره ثم استقال المشتري فأقاله، فإن كان قد قبضها إياه وجب عليه الاستبراء، وإن لم يكن قبض لم يجب عليه ذلك إذا أراد وطأها.
إذا طلقت الأمة المزوجة بعد الدخول بها وأخذت في العدة ثم باعها مولاها، فالواجب عليها تمام العدة ولم يجز للمشتري وطؤها إلا بعد استبراء بعد العدة، لأنهما حكمان لمكلفين لا يتداخلان فإسقاط أحدهما بالآخر يحتاج إلى دليل، وهذا القول مذهب شيخنا أبي جعفر في مبسوطه وهو الصحيح الحق اليقين.
إذا باع جارية فظهر بها حمل، فادعى البائع أنه منه ولم يكن أقر بوطئها عند البيع ولم يصدقه المشتري، لا خلاف أن إقراره لا يقبل فيما يؤدى إلى فساد البيع، وهل يقبل إقراره في إلحاق هذا النسب أم لا؟ عندنا أنه يقبل إقراره لأن إقرار العاقل على نفسه مقبول ما لم يؤد إلى ضرر على غيره، وليس في هذا ضرر على غيره فوجب قبوله وجوازه.
ولا بأس أن يجمع الرجل بملك اليمين ما شاء من العدد مباح له ذلك، ولا يجمع بين الأختين في الوطء ويجوز أن يجمع بينهما في الملك والاستخدام، وكذلك لا بأس أن يجمع بين الأم والبنت في الملك ولا يجمع بينهما في الوطء، فمتى وطئ واحدة منهما حرم عليه وطء الأخرى تحريم أبد.
فأما الأختان فمتى وطئ إحديهما حرم عليه وطء الأخرى تحريم جمع إلى أن تخرج الموطوءة من ملكه، فإن وطئ الأخرى بعد وطئه الأولى قبل اخراجها من ملكه كان معاقبا مأثوما ولا يحرم عليه وطء الأولى بل التحريم باق في الأخرى كما كان قبل وطئه لها.
وقال بعض أصحابنا: إذا وطئ الأخرى بعد وطئه الأولى حرمت عليه الأولى إلى أن تخرج الأخيرة من ملكه، ولا وجه لهذا القول لأنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع منعقد، والأصل الإباحة وقوله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، يعضد ذلك ولا يرجع عن الأدلة