أصحابنا في الأحكام الشرعية إنما عول فيما ذهب إليه على أخبار الآحاد، ومن عول على خبر الواحد وهو لا يوجب علما كيف يكون عالما قاطعا؟ وما بقي مما نحتاج إليه في هذا الكلام إلا أن نبين من أي وجه لم يكفر من خالفنا في بعض الشرعيات من أصحابنا مع العلم بأنه مبطل.
والوجه في ذلك أن التكفير يقتضي تعلق أحكام شرعية كنفي الموالاة والتوارث والتناكح وما جرى مجرى ذلك، وهذا إنما يعلم بالأدلة القاطعة وقد قامت الدلالة وأجمعت الفرقة المحقة على كفر من خالفها في الأصول كالتوحيد والعدل والنبوة والإمامة، فأما خلاف بعض أصحابنا لبعض في فروع الشرعيات فمما لم يقم دليل على كفر المخطئ ولو كان كفرا لقامت الدلالة على ذلك من حاله وكونه معصية وذنبا، لا يوجب عندنا الرجوع عن الموالاة كما نقول ذلك في معصية ليست بكفر.
فإن قيل: فلو خالف بعض أصحابكم في مسح الرجلين وذهب إلى غسلهما، وفي أن الطلاق الثلاث يقع جميعه أ كنتم تقيمون على موالاته؟
قلنا: هذا مما لا يجوز أن يخالف فيه إمامي لأن هذه الأحكام وما أشبهها معلومة ضرورة أنه مذهب الأئمة ع وعليه إجماع الفرقة المحقة، فلا يخالف فيها من وافق في أصول الإمامية ومن خالف في أصولهم كفر بذلك.
فإن قيل: أ فلستم تكفرون من خالفكم من خالف في صغير فروع الشرعيات وكبيرها فكيف يكفر المخالف بما لا يكفر به الموافق؟
قلنا: نحن لا نكفر مخالفنا إذا خالف في فرع لو خالف فيه موافق من أصحابنا لم نكفره وإنما نكفر المخالف في ذلك الفرع بما ذهب إليه من المذاهب التي يقتضي تكفيره.
مثال ذلك: إن من خالف من أصحابنا وقال: إن ولد الحر من المملوكة مملوك إذا لم يشرط، لم يكن بذلك كافرا وكان هذا القول باطلا. وكذلك المخالف لنا في الأصول إذا خالف في هذه المسألة وقال: إن الولد مملوك، وهذا مذهبكم لا يكون بهذا القول بعينه كافرا وإنما نكفره على الجملة بما خالف فيه مما يقتضي الأدلة أن يكون كافرا.
هذا آخر كلام السيد المرتضى احتجنا أن نورد المسألة والجواب على وجههما لنبين مقصودنا من