شرط فلم تفسد المضاربة لذلك، وهذه المسألة مفارقة للأولى لأنه شرط أخذ البضاعة وفرق بين الارتفاق بالشرط وبين الشرط، بيان ذلك: أنه لو باع دارا بشرط أن يدفع إليه المشتري عبدا يخدمه شهرا كان البيع باطلا، ولو قال له: ادفع إلي عبدك أيها المشتري يخدمني شهرا، من غير شرط كان البيع صحيحا والفرق بينهما ما قدمناه.
وإذا أعطاه ألفا مضاربة وقال له: أضف إلى هذا الألف من عندك ألفا آخر واتجر بهما على أن الربح بيننا لك منه الثلثان ولي الثلث أو قال: لك منه الثلث والثلثان لي، كان ذلك فاسدا سواء كان الفضل لصاحب المال أو العامل لأنه إن كان لصاحب المال كان ظاهر الفساد لأن له نصف المال من غير عمل وللعامل بهذا المال والعمل معا، فإذا شرط الثلثين لنفسه من الربح أخذ من ربح ألف العامل قسطا بغير مال فيه ولا عمل وذلك ولا يجوز، فإن شرط لنفسه الأقل كان فاسدا أيضا لأن المال شركة بينهما والربح في الشركة يكون على قدر المالين ولا يفضل أحدهما فيه على الآخر، فإذا شرط الفضل لأحدهما بطل وإذا بطل كان العقد مضاربة فاسدا لأنه دفعه إليه بلفظ المضاربة.
فإذا دفع إليه ألفين وقال له: أضف إليهما من عندك ألفا يكون ألفان من كل المال شركة بيننا والألف الثالث قراضا بالنصف كان صحيحا لأن المال إذا خلط فهو شركة مشاع كله فقد أقر ألفين على الشركة وقارضه على ألف مشاع فكان صحيحا لأن القراض على المشاع جائز، وإذا خلط العامل مال المضاربة بمال نفسه خلطا لا يتميز معه كان عليه ضمانه لأنه جعله كالتالف، أ لا ترى أنه لا يقدر على رده بعينه على صاحبه وإذا لم يقدر على ذلك كان ضامنا له.
وإذا أعطاه غيره ثوبا وقال له: بعه فإذا قبضت ثمنه فقد قارضتك عليه، لم يصح ذلك لأنه قراض بصفة ولأن رأس المال مجهول والعامل له أجرة مثله، فله أجرة المثل على بيع الثوب وأجرة مثله على عمل القراض، وأجرة بيعه لازم على بيع الثوب سواء كان في المال ربح أو لم يكن فيه ذلك وسواء تصرف فيه بعد بيعه أو لم يتصرف.