وإذا كان المضارب واحدا وصاحب المال اثنين فدفع كل واحد منهما إليه ألفا قراضا بالنصف فاشترى العامل لأحدهما جارية بألف وللآخر جارية أخرى بألف ثم اختلطا فلم يعلم جارية أحدهما من الآخر، فينبغي أن يباعا في القراض ويدفع إلى كل واحد منهما نصف المال إذا لم يكن فيه فضل، وإن كان فيه فضل أخذ كل واحد منهما رأس ماله واقتسما الربح على الشرط، وإن كان في المال خسران كان الضمان على البائع لأنه فرط في اختلاط المال، وقد قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله: لو استعملنا القرعة في ذلك لكان أقوى من هذا، وذلك غير صحيح لأن القرعة إنما تستعمل فيما يلتبس مما ليس عليه نص وهذا الموضع منصوص عليه عند أصحابنا فلا وجه مع ذلك لاستعمال القرعة فيه.
وإذا دفع إلى غيره مالا قراضا فأخذه وهو يعلم من نفسه أنه لا يقدر على أن يتجر بمثله لكثرته أو لضعفه عن ذلك مع قلته كان عليه الضمان لأنه يكون مفرطا بقبضه له مع علمه من نفسه بما ذكرناه، وإذا اشترى العامل جارية من مال المضاربة لم يجز له وطؤها لأنه إن كان في المال فضل فهو شريك وإن لم يكن فيه فضل كان الكل لصاحب المال، وكذلك لا يجوز لصاحب المال وطؤها لأنه إن كان في المال فضل فهو شريك وإن لم يكن فيه فضل لم يجز له أن يتصرف في السلعة المشتراة للقراض بما يضربها، فإن أراد أحدهما أن يزوجها واتفقا على ذلك كان جائزا الحق لهما جميعا.
وإذا اشترى العامل عبدا من مال المضاربة وأراد أن يكاتبه لم يجز له ولا لصاحب المال أيضا أن يكاتبه لأنه نقصان، فإن اتفقا على ذلك كان جائزا لأنه حقهما وليس لغيرهما فيه حق يمنع من ذلك، فإن اتفقا وكاتباه وأدركه عتق وكان المال ليس فيه فضل كان الولاء لصاحب المال، وإن كان فيه فضل كان الولاء بينهما على ما شرطاه بالحصة إن كانا شرطا عليه الولاء فإن لم يكونا شرطا عليه ذلك لم يكن لواحد منهما عليه ولاء، وإذا أحضر صاحب المال لغيره ألف دينار وألف درهم وقال له: خذ أيهما شئت قراضا بالنصف لم يصح ذلك لأنه لم يعين رأس المال.