والصانع إذا تقبل عملا بشئ معلوم جاز له أن يقبله لغيره بأكثر من ذلك إذا كان قد أحدث فيه حدثا فإن لم يكن قد أحدث فيه حدثا لم يجز له ذلك، وإن قبل غيره بإذن صاحب العمل ثم هلك لم يكن عليه شئ وإن قبله من غير إذنه ثم هلك كان المتقبل الأول ضامنا له، وكل من أعطى غيره شيئا ليصلحه فأفسده وتعدى فيه كان ضامنا له، وذلك مثل الصائغ يعطي شيئا ليصلحه فيفسده أو النجار يعطي بابا أو غيره ليصلحه فيفسده أو القصار يعطي ثوبا ليغسله فيخرقه أو يحرقه، ومن أشبه هؤلاء من الصناع فإنه يلزمهم ثمن ما أفسدوه هذا إذا انفسد بشئ من جهتهم أو تفريط منهم وما أشبه ذلك، فإن هلك من غير ذلك لم يكن عليهم شئ من ذلك.
والملاح ضامن لما يحمله إذا غرق بتفريط من جهته فإن غرقت السفينة بالريح أو غير ذلك من غير تفريط منه لم يكن عليه شئ، والمكاري مثل الملاح يضمن ما يفرط فيه.
وما لا يفرط فيه لم يكن عليه شئ في هلاكه، ولا ينبغي لأحد أن يضمن صانعا شيئا إلا إذا اتهمه في قوله فإذا كان مأمونا ثقة وجب أن يصدقه ولا يغرمه شيئا، ومتى اختلف المكتري والمكاري في هلاك شئ وهل وقع فيه تفريط أم لا؟ كانت البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وإذا اختلف صاحب المتاع والصانع في التفريط كان على صاحب المتاع البينة فإن لم يكن معه بينة فعلى الصانع اليمين.
ومن استأجر غيره لينفذه في حوائجه كان ما يلزم الأجير من النفقة على المستأجر دون الأجير فإن شرط عليه أن تكون نفقته عليه كان ذلك جائزا، وينبغي أن لا يستأجر الانسان أحدا إلا بعد أن يقاطعه على أجرته فإن لم يفعل ترك الاحتياط ولم يلزمه أكثر من أجرة المثل، وإذا فرع الأجير من عمله وجب أن يوفي الأجرة في الحال من غير تأخير، فإن كان قد أعطاه طعاما أو متاعا ثم تغير سعره كان عليه بسعر وقت أعطي المتاع دون وقت المحاسبة.
ومن استأجر مملوك غيره من مولاه كان ذلك جائزا وتكون الأجرة للمولى دون العبد، فإن شرط المستأجر للعبد أن يعطيه شيئا من غير علم مولاه لم يلزمه الوفاء به ولا