عمله لم يمنع ذلك من صحة العقد إذا بقي للعامل عمل ولو كان قليلا لأن هذا شرط لا يمنع منه كتاب ولا سنة، وكذلك إذا ساقاه بعد ظهور الثمرة كان جائزا.
وإذا اختلف رب النخل والعامل فقال رب النخل: شرطت على أن يكون لك ثلث الثمرة، وقال العامل: بل على أن لي نصف الثمرة، كان القول قول رب النخل مع يمينه، فإن كان مع كل واحد منهما بينة قدمنا بينة العامل لأنه المدعي وهو الخارج دون بينة رب النخل على ما قدمناه.
إذا ظهرت الثمرة وبلغت الأوساق التي يجب فيها الزكاة كانت الزكاة واجبة على رب النخل والعامل معا إذا بلغ نصيب كل واحد منهما ما يجب فيه الزكاة، فإن لم يبلغ نصيب واحد منهما النصاب فلا تجب الزكاة على كل واحد منهما، فإن بلغ نصيب أحدهما نصاب الزكاة وجب عليه دون من لم يبلغ حصته لأن الثمرة ملك لهما.
وهذا مذهب أصحابنا بغير خلاف بينهم في ذلك، وذكره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه وناظر المخالفين على صحته ودل عليه، وقد كنا قلنا أن بعض أصحابنا المتأخرين ذكر في تصنيف له وقفنا عليه وعاودناه في مطالعته في حال حياة مصنفه ونبهناه على تجاوز نظره الحق في المسألة لأنه قال: لا يجب الزكاة إلا على رب النخل دون المساقي، وكذلك في المزارعة: لا يجب إلا على من يكون منه البذر دون الأكار لأن ما يأخذه كالأجرة والأجرة لا زكاة فيها، وهذا منه رحمه الله تسامح عظيم والذي ذهب إليه أحد قولي الشافعي.
واستدل شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه على صحة ما قلناه فقال: دليلنا أنه إذا كانت الثمرة ملكا لهما فوجبت الزكاة على كل واحد منهما فمن أوجب على أحدهما دون الآخر كان عليه الدليل.
الودي - بالواو المفتوحة والدال غير المعجمة المكسورة والياء المشددة - هو صغار النخل قبل أن يحمل، فإذا ساقاه على ودي ففيها ثلاث مسائل:
أحدها: ساقاها إلى مدة يحمل مثلها غالبا فالمساقاة صحيحة لأنه ليس فيه أكثر من أن عمل العامل يكثر ويقل نصيبه، وهذا لا يمنع صحتها كما لو جعل له سهم من ألف سهم،