والتحقيق أن هذه الروايات الواردة في التجريد لا تعرض فيها للمرأة أصلا ولا يصح أن يقال إن المراد من الرجل، الأعم من الرجل والمرأة بل الروايات منصرفة عنها بالنسبة إلى هذا الحكم، فإن المطلوب منها شرعا هو الستر وما يلائم عفافها، بل في بعض الروايات ما يدل على لزوم سترها كيلا تبدو لغير ذي محرم عليها وذلك كرواية أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة أتت أمير المؤمنين عليه السلام فقالت: إني قد فجرت إلى أن أقرت بذلك أربع مرات وبعد أن وضعت حملها رجمها، وفي هذا الخبر: ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في الرحبة وخاط عليها ثوبا جديدا وأدخلها الحفيرة إلى الحقو (1).
لا يقال: إن هذا الخبر متعلق بالرجم ووارد في المحصنة، والكلام الآن في الجلد وفي غير المحصنة.
لأنه يقال: إن الملاك الوحيد والرمز الأصلي في ذلك هو سترها وعدم هتكها برؤية الأجانب لها وأن لا تنكشف لديهم، ولا فرق في ذلك بين المحصنة وغيرها وما إذا كان حدها الرجم أو الجلد وإن كانت الرواية كما ذكر واردة في المحصنة ورجمها.
لا يقال إنه بعد ورود الروايات في تجريد الرجل نقول بذلك في المرأة أيضا الغاءا للخصوصية.
لأنا نقول: إنه لا يمكن ذلك بعد أن الله تعالى لم يلغ الخصوصية هنا بل أثبتها وأكد عليها وذلك لتأكيد الشرع على كمال سترها بحيث ورد في بعض الآثار والكلمات أنه يرتبط عليها ثيابها أي تشد عليها لئلا تنهتك وتبدو عورتها، والسر في ذلك هو المراقبة عليها كيلا يرتفع ثوبها بهبوب الرياح أو بإصابة الجلدات فتبدو بدنها وعلى الجملة فالأمر بالتجريد منصرف إلى الرجل ولا يشمل المرأة أصلا.