ثم إن الظاهر أن ما ذكره أولا من عدم دخل التكليف في حقيقة الزنا ومفهومه وإنما هو معتبر في الحد وشرط له، لعله خلاف ما يظهر من الآية الكريمة فإن ظاهر قوله سبحانه: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة (1) هوان تمام الموضوع في اجراء الحد هو كونه زانيا وكونها زانية، وبعبارة أخرى إن المستفاد من الآية إن الموجب للحد هو الزناء فكان الشارع قد استعمل الزنا فيما هو موجب للحد الخاص.
وكيف كان فقد أورد عليه صاحب الجواهر بقوله: وفيه أن ذلك لا يوجب الزيادة المزبورة، ضرورة تحقق الايلاج بامرأة بلا عقد ولا ملك ولا شبهة وإن لم يكن في ذلك حرمة عليه لعدم التكليف الذي فرض عدم مدخليته في تحقق معنى الزناء الذي هو على التقدير المزبور وطي الأجنبية التي هي غير الزوجة والمملوكة عينا أو منفعة الخ.
قوله: أو منفعة، أي ما كان تحل منفعتها، والمراد منه هو التحليل فإن ملك المنفعة في الأمة لا يتصور إلا بالتحليل.
وحاصل ايراده عليه أنه لا وجه لزيادة القيد المزبور بعد كون الزنا هو الايلاج بامرأة بدون عقد ولا ملك للعين ولا التحليل وإن لم تكن هناك حرمة لعدم التكليف ثم أورد عليه بأن مقتضاه كون وطي الشبهة زناءا إلا أنه لا يوجب الحد وذلك لصدق التعريف المزبور عليه وهو مناف لمقابلته به في النكاح المقتضية لكونه وطي الأجنبية على أنها أجنبية، ولازم ذلك عدم كون الوطئ بالشبهة داخلا في مفهوم الزنا أصلا.
ثم رتب على ذلك أولوية ايكاله إلى العرف، فيكون الموضوع هو كلما صدق عليه أنه زناء عرفا، والعرف يعرف المفهوم من الزنا ويرى أن الزناء اتيان الرجل المرأة الأجنبية بعنوان أنها أجنبية لا مع الاعتقاد بأنها حليلة.
ولذا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لما عز بعد اقراره بالزنا أربع مرات: أتعرف الزنا؟ فقال: هو أن يأتي الرجل حراما كما يأتي أهله حلالا (2).