ولعل اطلاق الحدود على أحكام الله تعالى وقوانينه لأجل إنها الخطط النهائية التي لا يجوز التعدي عنها والإهانة بها. هذا بحسب اللغة.
وأما بحسب الشرع وإن شئت تقول: في الاصطلاح فقد عرفها المحقق فقال في الشرايع: كل ما له عقوبة مقدرة يسمى حدا وما ليس كذلك يسمى تعزيرا.
وقد سمى الحدود الشرعية حدا بمناسبة معنى المنع والدفع وذلك لأن الحدود تمنع المرتكب للمعصية عن العود إلى ارتكابها ثانيا ويمنع غيره عن الارتكاب والاقتحام فيها.
فكما أن الايمان بالآخرة والخوف من العذاب الأليم ونار الجحيم يمنع الانسان عن ارتكاب المعاصي واتيان القبائح كذلك الحدود المقررة في الشرع على المعاصي في الدنيا ترده وتمنعه عن الاقدام على الذنوب مخافة إقامتها واجراءها عليه عقيب اتيانه بالمعاصي الخاصة وتلبسه بها واقدامه عليها لكونها موجبة له.
ويمكن أن يكون تلك التسمية بلحاظ المعنى الثاني اللغوي له وبمناسبة إن للحدود انتهاء إلا يجوز التعدي عنه.
ثم إن التعريف الذي ذكره المحقق لا يخلو عن تسامح وذلك لأن ما له عقوبة هو نفس المعصية الخاصة وهي ليست حدا وإنما الحد هو ما أوجبتها المعصية الخاصة، والظاهر في تعريف الحد هو ما ذكره الأعلام الثلاثة صاحبوا التنقيح والمسالك والرياض رضوان الله عليهم أجمعين.
فقال الفاضل المقداد السيوري بعد أن ذكر معنى الحد لغة:
وشرعا عقوبة تتعلق بايلام البدن عين الشارع كميتها. انتهى (1).