مملوكا أو امرأة أو كافرا أو ظاهر الفسق فإن حكم المردود شهادته قال قوم: يجب عليه الحد وقال آخرون: لا يجب وكذلك اختلفوا في الثلاثة إذ لا فصل بين أن لا يشهد الرابع وبين أن ترد شهادته بأمر ظاهر لا يخفى على الثلاثة والأقوى عندي أن عليهم الحد وإن كان الرد بأمر خفي قبل أن يبحث الحاكم عن حاله فوقف على باطن يرد به الشهادة فالمردود الشهادة قال قوم: لا حد عليه وهو الأقوى والثلاثة قال قوم لا حد عليهم أيضا وهو الأقوى عندي وفيهم من قال: عليهم الحد، لأن نقصان العدالة كنقصان العدد والأول أقوى لأنهم غير مفرطين في إقامتها فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس فكان عذرا في إقامتها فلهذا لا حد ويفارق هذا إذا كان الرد بأمر ظاهر لأن التفريط كان منهم فلهذا حدوا عنه من قال بذلك على ما اخترناه فبان الفصل بينهما (1).
وأنت ترى أن بين مختاره في الخلاف ومختاره في المبسوط فرقا فإنه في الأول اختار إن مردود الشهادة في الأمر الخفي يحد دون الثلاثة الأخر فإنهم لا يحدون بخلاف المبسوط فإن مختاره فيه أن مردود الشهادة أيضا لا يحد كما أن الثلاثة لا يحدون فليس مختاره في الكتابين واحدا على ما هو الظاهر من عبارة الجواهر.
ويرد على مختاره في المبسوط أنه وإن كان غير المردود ليس مفرطا بلا اشكال فيه وأما المردود فإنه مفرط فلم لا يحد هو والحال أنه قد فرط وقصر لأنه قد أقدم على الشهادة مع العلم بأنه لا يجوز للفاسق ذلك؟
اللهم إلا أن يكون نظر الشيخ أيضا إلى ما إذا لم يكن مردود الشهادة مقصرا بأن لا يرى عمله الذي يأتي به فسقا موضوعا أو حكما.
لكن يرد عليه أنه على ذلك فهو ليس بفاسق لعدم تقصيره.
لا يقال: لعل المراد هو ما إذا أقدم على الشهادة زاعما جواز الاقدام عليها مع علمه بفسقه في الخفاء (2).