اقتصادنا - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٤٤
الجرماني، إذا لم نفسره تفسيرا عسكريا وسياسيا، فإننا جميعا نعلم - وحتى أنجلز نفسه فقد كان يعترف أيضا - بأن القواد الفاتحين الذين تكونت منهم تلك الطبقة لم يكن مقامهم الاجتماعي ناتجا عن الملكية الاقطاعية وإنما تكونت ملكيتهم الاقطاعية هذه تبعا لدرجتهم الاجتماعية، وامتيازاتهم العسكرية والسياسية الخاصة، بوصفهم غزاة فاتحين دخلوا أرضا واسعة، وتقاسموها فكانت الملكية أثرا، ولم تكن هي العامل المؤثر.
وهكذا نجد عناصر غير ماركسية، وتنتهي إلى نتائج غير ماركسية لدى تحليل كثير من التركيبات الطبقية في المجتمعات البشرية المختلفة.
وقد تحاول الماركسية بهذا الصدد الدفاع عن مفهومها في الطبقية عن طريق القول بالعلاقة المتبادلة بين العامل الاقتصادي وشتى العوامل الاجتماعية الأخرى، الأمر الذي يجعله يتأثر بها، ويتكيف وفقا لها، كما يؤثر فيها ويساهم في تكوينها.
غير أن هذه المحاولة وحدها تكفي لنسف المادية التاريخية، والقضاء على مجدها العلمي الشامخ في دنيا الماركسية، لأنها لا تختلف عندئذ عن التفاسير الأخرى للتاريخ، إلا في التأكيد على أهمية العامل الاقتصادي نسبيا مع الاعتراف بالعوامل الأخرى الأصيلة التي تساهم في صنع التاريخ.
وإذا كانت الماركسية على خطأ في تعليل الطبقية بالوضع الاقتصادي وحده عرفنا من ذلك خطأها أيضا في إعطاء الطبقة مفهوما اقتصاديا خالصا، لأن الطبقة إذا لم تكن قائمة دائما على أساس اقتصادي في تركيبها الاجتماعي فليس من الصحيح إذن أن نعتبر الطبقية مجرد تعبير عن قيمة اقتصادية معينة كما زعمت الماركسية ذلك، الأمر الذي جعلها تصل إلى نتائج غريبة مشابهة لما أدت إليه نظرتها في تعليل الطبقية وتبريرها من نتائج، فقد رأينا أن الماركسية حين آمنت بأن الطبقة إنما تتكون وفقا للشروط، الاقتصادية، والحالة الملكية، كلفها ذلك القول بأن النشاط في ميادين العمل هو الطريق الوحيد إلى السمو الاجتماعي، وكذلك يمكننا أن نلاحظ الآن أننا إذا أعطينا الطبقة مفهومها الماركسي،
(١٤٤)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست