ثم لماذا يجد الإنسان الحديث، المتعة والسحر في روائع اليونان الفنية مثلا، ولا يجد هذه المتعة والسحر في استعراض بقية ظواهر حياتهم، من أفكار وعادات ومفاهيم بدائية، مع أنها جميعا تمثل طفولة النوع البشري؟!
وماذا يقول لنا ماركس، عن المناظر الطبيعة الخالصة، التي كانت منذ أبعد آماد التاريخ ولا تزال، قادرة على ارضاء الحس الجمالي في الإنسان، وبعث المتعة إلى نفسه؟! فكيف نجد المتعة في هذه المناظر، كما كان يجدها شيئا من طفولة النوع البشري، التي يفسر ماركس على أساسها إعجابنا بالفن القديم!..
أفلسنا نعرف من هذا، أن المسألة ليست مسألة الإعجاب بصورة الطفولة، وإنما هي مسألة الذوق الفني الأصيل العام، الذي يجعل انسان عصر الرق، وإنسان عصر الحرية، يشعران بشعور واحد!!
وفي ختام دراستنا هذه، للنظرية بما هي عامة، ألا نجد من الطبيعي أن يندم أنجلز، المؤسس الثاني للمادية التاريخية، على المبالغة بدور العامل الإقتصادي في التاريخ، ويعترف بأنه مع صديقه ماركس، قد اندفعا بروح مذهبية في مفهومهما المادي عن التاريخ، اندفاعا خاطئا؟ فقد كتب أنجلز إلى يوسف بلوغ عام (1890) يقول:
((إن توجيه الكتاب الناشئين، الاهتمام إلى الجانب الاقتصادي، بأكثر مما يستحق، أمر يقع اللوم فيه على عاتقي وعاتق ماركس. لقد كان عليا أن نؤكد هذا المبدأ الرئيسي، لنعارض خصومنا الذين كانوا ينكرونه، ولم يكن لدينا الوقت أو المكان أو الفرصة، لنضع العناصر الأخرى التي تتضمنها العلاقة المتداخلة، في مواضعها الحقيقية)) (1).