ولا يتملك الأرض، وإنما يتملكها إذا كان عمرانها قبل عصر التشيع.
وبكلمة أخرى أن مبدأ حقن الإسلام للمال لا يزيد من حق الشخص، ولا يمنحه ملكية جديدة لم تكن له، وإنما يحفظ له ما كان يتمتع به من حقوق أو ملكيات. وحيث إن الأرض التي يعمرها الكافر بعد تشريع ملكية الإمام للموات، لا يملكها الكافر، وإنما يكتسب حقا فيها مع كونها ملكا للإمام، فباسلامه طوعا يحفظ حقه، ويبقى كما كان.
ج - - وقد يستدل بالسيرة النبوية، لأن سيرة النبي (ص) جرت على: ترك الأرض بيد أهلها إذا أسلموا عليها طوعا، وعدم مطالبتهم بالطسق، دون تدقيق في تاريخ عمارة الأرض (1). الأمر الذي يدل على أن الإسلام يمنح - دائما - ملكية الأرض، لمن أسلم عليها طوعها.
والجواب: أن هذه السيرة الشريفة ثابتة بلا شك، ولكنها لا تبرهن على أن رقبة الأرض ملك لمن أسلم عليها طوعا، وخارجة عن نطاق ملكية الإمام. لأن الفارق العملي بين ملكية الأرض لمن أسلم عليها طوعا، وبين كونها ملكا للإمام، مع وجود حق خاص لمن أسلم عليها.. إنما يظهر في فرض الخراج. لأن الأرض إذا كانت ملكا لمن أسلم عليها من أصحابها فلا مبرر لفرض الخراج عليها، وإذا كانت حقا لهم مع بقائها على ملكية الإمام، فله فرض الطسق عليهم. وهذا الفارق العملي لا موضع له في السيرة النبوية، لأن النبي (ص) كان يعفو عن الطسق فلا يمكن أن يعتبر عدم أخذ الطسق، دليلا على الملكية الخاصة لرقبة الأرض.
وهكذا يتضح: أن هذا التفصيل في الأرض، التي أسلم عليها أهلها طوعا: بين العامر قبل تشريع ملكية الإمام، وبين العامر بعده. وإن كان لا يخلو عن وجاهة من ناحية فقهية، إذا لم يحل دون الأخذ به الإجماع على خلافه.
بل بالامكان توسيع نطاق الفكرة في هذا التفصيل - إذا صحت - وتعميمها على كل الأراضي التي أسلم عليها أهلها وذلك بناء على ما تقدم في الملحق الأول