ولا يتوهم في المقام: الملازمة، بدعوة. أنه لو كان يجب اعارتها مجانا لما كان هناك داع لاشترائها، ولم يبق موضع لبيعها، لأن من يريد اشتراءها يمكنه الاستغناء عن شرائها باستعارتها مجانا، ما دام صاحب القناة ملزما بإعارتها مجانا. فنفس فرض البيع والحكم بجوازه، ملازم مع عدم وجوب الإعارة، لكي يتحقق الداعي العقلائي للشراء. فإنه يندفع هذا التوهم، بان وجوب الإعارة لا يجعل الاشتراء لغوا لأن الشخص قد لا يكتفي بمجرد الانتفاع المبذول له مجانا بالإعارة، بل يريد أن يكون له حق الأولوية في القناة، كما كان لصاحبها الذي استغنى عنها. وهذا الحق إنما ينقل بالبيع والشراء.
وعليه: فالطائفة الدالة على جواز البيع، لا تنافي وجوب الإعارة أصلا. نعم تقع المعارضة بين هذه الطائفة، الدالة على جواز البيع، وبين الطائفة الناهية بلحاظ مدلولها الثاني، وهو النهي عن بيع القناة وحل هذه المعارضة. إن الطائفة الناهية عن البيع، والآمرة بالإعارة.. يحتمل في نهيها عن البيع وجهان. أحدهما. أنه نهي حقيقي عن البيع بقول مطلق. وثانيهما. أنه نهي عن البيع في قبال الإعارة، بمعنى أن يستعير منك القناة لا تضطره إلى الشراء، ولا تبعها عليه، بل أعره إياها مجانا فهو نهي عن البيع في مورد طلب الإعارة، لا نهي عن البيع مطلقا، حتى فيما إذا كان مقصود المشتري أن يكتسب حق الاختصاص بها، كما يقربه جعله في قبال الإعارة. فان كان النهي بالمعنى الأول، وقت المعارضة بينها وبين الطائفة الدالة على جواز البيع وإن كان بالمعنى الثاني فلا معارضة.
وحينئذ ينبغي أن يقال: أن ظهور الدالة على الجواز، أقوى من ظهور النهي عن البيع في الطائفة الأخرى في المعنى الأول، لو كان له ظهوره في ذلك ولم نقل بتردده بين المعنيين، أو ظهوره في الثاني، فيقدم ظهور الجواز. وينتج من مجموع الطائفتين وجوب إعارة الزائد على الحاجة من القناة مجانا للآخرين، وجواز بيعها، المنتج لانتقال حق الاختصاص والأولوية إلى المشتري.