عقد المضاربة يقوم على أساس المخاطرة وعرض نفسه للخسارة بدفعه المال إلى العامل ليتجر به فكان على العامل أن يكافئه على مخاطرته بنسبة مئوية من الربح يتفقان عليها في عقد المضاربة.
ولكن الحقيقة كما جلتها البحوث السابقة، هي ان الربح الذي يحصل عليه المالك نتيجة لاتجار العامل بأمواله، ليس قائما على أساس المخاطرة. وإنما يستمد مبرره من ملكية صاحب المال للسلعة التي اتجر بها العامل. فان هذه السلعة وإن كانت قيمتها تزداد غالبا بالعمل التجاري الذي ينفقه العامل عليها، من نقلها إلى السوق واعدادها بين أيدي المستهلكين، ولكنها تبقى مع ذلك ملكا لصاحب المال، لأن كل مادة لا تخرج عن ملكيتها لصاحبها مع ذلك ملكا لصاحب المال، لأن كل مادة لا تخرج عن ملكيتها لصاحبها بتطوير شخص آخر لها. وهذا ما أطلقنا عليه اسم ظاهرة الثبات في الملكية.
فحق صاحب المال في الربح نتيجة لملكيته للمادة التي مارسها العامل وربح عن طريق بيعها، فهو نظير حق مالك اللوح في السرير الذي يصنع من لوحه.
ولأجل هذا يعتبر الربح من حق صاحب المال ولو لم يمارس نفسيا أي لون من ألوان المخاطرة، كما إذا اتجر شخص بأموال فرد آخر دون علمه وربح في تجارته، فإن بامكان صاحب المال في هذه الحالة أن يوافق على ذلك ويستولي على الأرباح، كما أن من حقه أن يعترض ويستحصل على ماله أو ما يساويه من العامل.
فاستيلاء المالك على الأرباح في هذا المثال لا يقوم على أساس المخاطرة لأن ماله مضمون على أي حال. وإنما خاطر العامل باقدامه على ضمان المال والتعويض عنه في حالة الخسارة.
وهذا يعني أن حق صاحب المال في الربح ليس من الناحية النظرية نتيجة للمخاطرة، ولا تعويضا عنها، أو مكافأة لصاحب المال على مقاومته لمخاوفه، كما نقرأ عادة لكتاب الرأسمالية التقليدية الذين يحاولون أن يضفوا على المخاطرة سمات البطولة، ويجعلوا منها سببا مبررا للحصول على كسب في مستوى هذه البطولة.