وهناك عدة ظواهر في الشريعة تبرهن على موقفها السلبي من المخاطرة، وعدم الاعتراف لها بدور إيجابي في تبرير الكسب.
فالفائدة الربوية مثلا قد اعتاد الكثير على تبريريها وتفسيرها بعنصر المخاطرة، الذي يشتمل عليه القرض - كما سنتناول ذلك في الملاحظة الآتية - لأن إقراض الدائن لماله نوع من المغامرة التي قد تفقده ماله، إذا عجز المدين في المستقبل عن الوفاء وتنكب له الحظ، فلا يظفر الدائن بشيء. فكان من حقه أن يحصل على أجر ومكافأة له على مغامرته بماله لأجل المدين. وهذه المكافأة هي الفائدة.
والإسلام لم يقر هذا اللون من التفكير، ولم يجد في المخاطرة المزعومة مبررا للفائدة التي يحصل عليها صاحب المال من المدين. ولهذا حرمها تحريما حاسما (1).
وحرمة القمار وتحريم الكسب القائم على أساسه جانب آخر من جوانب الشرعية التي تبرهن على موقفها السلبي من عنصر المخاطرة (2). لأن الكسب الناتج عن المقامرة لا يقوم على أساس عمل من أعمل الانتفاع والاستثمار، وإنما يرتكز على أساس المخاطرة وحدها، فالفائز يحصل على الرهان لأنه غامر بماله وأقدم على دفع الرهان لخصمه، إذا خسر الصفقة.
ويمكننا أن نضيف إلى إلغاء القمار، والغاء الشركة في الأبدان أيضا، فقد نص كثير من الفقهاء على بطلانها، كالمحقق الحلي في الشرائع وابن حزم في المحلى (3).
ويريدون بهذه الشركة أن يتفق اثنان أو أكثر على ممارسة كل واحد منهم عمله الخاص، والاشتراك فيما يحصلون عليه من مكاسب، كما إذا قرر طبيبان أن يمارس كل واحد منهما عمله في عيادته، ويحصل في نهاية الشهر مثلا على نصف مجموع الأجور التي كسبها الطبيبان معا خلال ذلك الشهر.
والغاء هذه الشركة يتفق مع الموقف السلبي العام للشريعة من عنصر المخاطرة،