الحق لا يكفي لمنحه إياه ما دام لا ينطبق على النظرية العامة في التوزيع، فليس حق الصياد هنا هو الذي يحول دون تملك صاحب الشبكة للصيد وإنما الذي يحول دون ذلك هو عدم وجود المبرر النظري.
وهكذا نعرف الفرق من هذه الناحية بين العمل المباشر والعمل المختزن فالعمل المباشر ممارسة من العامل للمادة تبرر تملكه لشيء منها، إذا تنازل مالكها السابق عن حق السبق الزمني. وأما العمل المختزن في أداة الإنتاج فهو ليس ممارسة من صاحب الأداة في العملية، فلا يكون له حق الملكية في المادة سواء تنازل الممارس للعمل - الصياد مثلا - عن حقه أم لا. وإنما له حق الأجرة كمكافأة وتعويض عما تبدد من عمله المختزن خلال العملية.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن ندرك أيضا الفرق بين أصحاب أدوات الإنتاج الذين لم يسمح لهم بالمشاركة في الناتج، وبين صاحب الأرض في عقد المزارعة، وصاحب المال التجاري في عقد المضاربة، ونحوهما ممن يسمح له بنصيب من الربح، فإن هؤلاء المالكين الذين سمح لهم بنصيب من الربح أو الناتج يملكون في الحقيقة المادة التي يمارسها العامل. فصاحب الأرض يملك البذر الذي يزرعه العامل (1) وصاحب المال التجاري يملك السلعة التي يتجر بها العامل، وقد عرفنا في نظرية توزيع ما قبل الإنتاج أن ملكية شخص للمادة لا تزول بتطوير تلك المادة من قبل شخص آخر أو منحها منافع جديدة. فمن الطبيعي أن يصبح لصاحب البذر أو المال حقه في الناتج أو الربح ما دام يملك المادة التي يمارسها العامل (2).
واستقراء الحالات التي سمح فيها للمالك بتملك الناتج والربح كما في المزارعة والمضاربة والمساقاة ونحوها يدعم صحة التفسير الذي نتقدم به لهذه الملكية لأن جميع تلك الحالات تشترك في ظاهرة واحدة وهي أن المادة التي يمارسها العامل ملك لصاحب المال بصورة مسبقة.