قال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا} (1) ووجه الخطاب إلى الجماعة، لأن الخلافة في الأصل لها، ونهاها عن تسليم أموال السفهاء إليهم، وأمرها بحماية هذه الأموال والإنفاق منها على أصحابها. وبالرغم من أنه يتحدث إلى الجماعة عن أموال السفهاء، فقد أضاف الأموال إلى الجماعة نفسها فقال: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}. وفي هذا إشعاع بأن الخلافة في الأصل للجماعة الخاصة. وقد عقبت الآية على هذا الإشعاع بالإشارة إلى أهداف الخلافة ورسالتها، فوصفت الأموال قائلة {أموالكم التي جعل الله لكم قياما} فالأموال قد جعلها الله للجماعة، يعني أنه استخلف الجماعة عليها، لا ليبذروها أو يجمدوها، وإنما ليقوموا بحقها ويستثمروها ويحافظوا عليها فإذا لم يتحقق ذلك عن طريق الفرد فلتقم الجماعة بمسؤوليتها (2).
وعلى هذا الأساس يسع الفرد المسؤولية في تصرفاته المالية أمام الله تعالى، لأنه هو المالك الحقيقي لجميع الأموال، كما يحس بالمسؤولية أمام مظاهر تلك الخلافة وأساليبها، ولهذا كان من حق الجماعة أن تحجر عليه، إذا لم يكن أهلا للتصرف في ماله لصغر أو سفه، وان تمنعه عن التصرف في ماله بشكل يؤدي إلى ضرر بليغ بسواه (3)، وكذلك أن تضرب على يده إذا جعل من ماله مادة للفساد والإفساد كما ضرب رسول الله (ص) على يد سمرة ابن جندب وأمر بقطع نخلته الخاصة ورميها حين اتخذها مادة فساد وقال له: إنك رجل مضار (4).
وحين أعطى الإسلام للملكية الخاصة مفهوم الخلافة ج