بعدهم لننظر كيف تعملون} (1).
والخلافة في الأصل هي للجماعة كلها، لأن هذه الخلافة عبرت عن نفسها عمليا في إعداد الله تعالى لثروات الكون ووضعها في خدمة الانسان. والانسان هنا هو العام الذي يشمل الأفراد جميعا، ولذا قال تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} (2).
وأشكال الملكية بما فيها الملكية والحقوق الخاصة إنما هي أساليب تتيح للجماعة باتباعها أداء رسالتها في اعمار الكون واستثماره. قال الله تعالى: {هو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم} (3) فالملكية والحقوق الخاصة التي منحت لبعض دون بعض فاختلفت بذلك درجاتهم في الخلافة، هي ضرب من الامتحان لمواهب الجماعة ومدى قدرتها على حمل الأعباء، وقوة دافعة لها على إنجاز مهام الخلافة، والسباق في هذا المضمار. وهكذا تصبح الملكية الخاصة في هذا الضوء أسلوبا من أساليب قيام الجماعة بمهمتها في الخلافة، وتتخذ طابع الوظيفة الاجتماعية كمظهر من مظاهر الخلافة العامة، لا طابع الحق المطلق والسيطرة الأصلية وقد جاء عن الإمام الصادق أنه قال: إنما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لتوجهوها حيث وجهها الله ولم يعطكموها لتكنزوها (4).
ولما كانت الخلافة في الأصل للجماعة، وكانت الملكية الخاصة أسلوبا لإنجاز الجماعة أهداف الخلافة ورسالتها، فلا تنقطع صلة الجماعة ولا تزول مسؤوليتها عن المال لمجرد تملك الفرد له، بل يجب على الجماعة أن تحمي المال من سفه المالك إذا لم يكن رشيدا لأن السفيه لا يستطيع أن يقوم بدور صالح في الخلافة (5). ولذا