بالتعديل من مفهومها وتجريدها عن امتيازاتها في غير مجالها الأصيل فحسب بل قام إلى صف ذلك بعمل إيجابي لمقاومة تلك النظرة، ففتح بين يدي الفرد المسلم أفقا أرحب من المجال المحدود والمنطلق المادي العاجل، وخطأ أطول من الشوط القصير للملكية الخاصة الذي ينتهي بالموت، وبشر المسلم بمكاسب من نوع آخر: أكثر بقاء وأقوى اغراء وأعظم نفعا لمن آمن بها وعلى أساس تلك المكاسب الأخروية الباقية قد تصبح الملكية الخاصة أحيانا حرمانا وخسارة إذا حالت دون الظفر بتلك المكاسب، كما قد يصبح التنازل عن الملكية عملية رابحة إذا أدت إلى تعويض أضخم من مكاسب الحياة الآخرة. وواضح أن الإيمان بهذا التعويض وبالمنطق الأوسع والمدى الأرحب للمكاسب والأرباح يقوم بدور إيجابي كبير في إطفاء البواعث الأنانية للملكية وتطوير النظرة الغائية إلى نظرة طريقية. قال الله تعالى: {وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه، وهو خير الرازقين} (1) {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} (2) {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله} (3) {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا} (4) {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين} (5).
وقد قارن القرآن الكريم بين النظرة المنفتحة للأرباح والخسائر التي لا تقيسها بمقاييس الحس العاجل فحسب، وبين النظرة الرأسمالية الضيقة التي لا تملك سوى هذه المقاييس فيتهددها شبح الفقر دائما وتفزع بمجرد التفكير في تسخير الملكية الخاصة لأغراض أعم وأوسع من دوافع الشره والأنانية، لأن شبح الفقر المرعب والخسارة يبدو لها من وراء هذا اللون من التفكير. ونسب القرآن هذه النظرة