صاحبه {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} لأنه كان يهئ بهذا الانحراف في فهم وظيفة ملكيته وطبيعتها عوامل فنائها ودمارها {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} واستشعرت أنها خلافة أمدك الله بها لتقوم بواجباتها لا أحسست بالتسامي والتعالي ولا خالجتك مشاعر الكبرياء والزهو {إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا} (1).
وبهذا التقليص من وجود الملكية الخاصة وضغطها في مجالها الأصيل على أساس مفهوم الخلافة تحولت الملكية في الإسلام إلى أداة لا غاية، فالمسلم الذي اندمج كيانه الروحي والنفسي مع الإسلام ينظر إلى الملكية باعتبارها وسيلة لتحقيق الهدف من الخلافة العامة وأشاع حاجات الإنسانية المتنوعة، وليست غاية بذاتها تطلب بوصفها تجميعا وتكديسا شرها لا يرتوي ولا يشبع وقد جاء في تصوير هذه النظرية الطريقية إلى الملكية - النظرة إليها بما في أداة - عن رسول الله (ص) أنه قال: ليس لك من مالك إلا من أكلت فأفنيت ولبست فأبليت وتصدقت فأبقيت (2). وقال في نص آخر: يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس (3).
وقد قاوم الإسلام النظرة الغائية إلى الملكية - النظرة إليها بما هي غاية - لا