والمصدر الأساسي للحقوق الخاصة في أراضي الدولة هو الاحياء والتعمير. فممارسة هذا العمل أو البدء بالعمليات التمهيدية له يمنح الممارس حقا خاصا في الأرض، وبدون ذلك لا تعترف الشريعة بالحق الخاص إطلاقا (1) بوصفه عملية مستقلة منفصلة عن الاحياء لا تكون سببا لاكتساب حق خاص في الأرض وقد جاء في الرواية عن عمر بن الخطاب أنه قال: ليس لأحد أن يتحجر (2) والسؤال المهم فقهيا بهذا الشأن، يرتبط بطبيعة الحق الذي يستمده الفرد من عملية الاحياء: فما هو هذا الحق الذي يحصل عليه الفرد، نتيجة لعمله في الأرض الميتة وإحيائها؟
هذا هو السؤال الذي يجب علينا أن نجيب عليه، في ضوء مجموع النصوص التي تناولت عملية الإحياء، وشرحت أحكامها الشرعية.
وجواب الكثير من الفقهاء على هذا السؤال: أن مرد الحق الذي يستمده الفرد من إحياء الأرض، إلى تملكه لها ملكية خاصة (3)، فتخرج الأرض بسبب الاحياء عن نطاق الدولة إلى نطاق الملكية الخاصة، ويملك الفرد الأرض التي أحياها نتيجة لعمله المنفق عليها أن الذي بعث فيها الحياة.
وهناك رأي فقهي آخر يبدو أكثر انسجاما مع النصوص التشريعية، يقول: إن عملية الاحياء لا تغير من شكل ملكية الأرض، بل تظل الأرض وإنما يكتسب بالإحياء حقا في الأرض دون مستوى الملكية، ويخول له بموجب هذا الحق استثمار الأرض والاستفادة منها، ومنع غيره ممن له يشاركه جهده وعمله من مزاحمته وانتزاع الأرض منه، ما دام قائما بواجبها. وهذا القدر من الحق لا يعفيه من واجباته تجاه منصب الإمامة، بوصفه المالك الشرعي لرقبة الأرض، فللإمام أن يفرض عليه الأجرة