الرأسمالية، ولكن هذا الوهم يتبدد حين نرد التطبيق إلى النظرية إلى النصوص التشريعية.
والسبب في هذه المفارقة بين النظرية والتطبيق، بالرغم من أن كلا منهما تعبير عن الآخر بشكل من الأشكال.. يكمن في الظروف التي كان إنسان عصر التطبيق يعيشها، ونوع الإمكانات التي كان يملكها فإن المضمون اللا رأسمالي للنظرية في الاقتصاد الإسلامي، كان مختفيا في مجال التطبيق إلى حد ما، بقدر ما كانت إمكانات الإنسان وقدرته على الطبيعة ضئيلة ويبرز المضمون اللا رأسمالي باطراد، ويتضح في مجال التطبيق الأمين للإسلام، بقدر ما ترتفع تلك الإمكانات وتتسع تلك القدرة. فكلما امتدت قدرة الإنسان، وتنوعت وسائله في السيطرة على الطبيعة.. انفتحت أمامه مجالات أرحب للعمل والتملك والاستغلال، واتضح أكثر فأكثر تناقض النظرية في الاقتصاد الإسلامي مع الرأسمالية، وتجلى مضمونها اللا رأسمالي من حلال الحلول التي يضعها الإسلام للمشاكل المستجدة، عبر القدرة المتنامية للانسان على الطبيعة.
فإنسان عصر التطبيق كان يذهب مثلا إلى منجم ملح أو غيره، ويحمل ما يشار من المواد المعدنية، دون منع من النظرية التي كانت لها السيادة، ولا معارضة منها لملكيته الخاصة لتلك المواد. فماذا يمكن أن توحي به هذه الظاهرة في مجال التطبيق، إذا فصلت عن دراسة النص التشريعي والفقهي بشكل عام؟. إنها توحي بسيادة الحرية الاقتصادية في المجتمع، بدرجة تشبه الوضع الرأسمالي للحرية في التملك والاستثمار.
وأما إذا نظرنا إلى النظرية من خلال النصوص، وجدنا أنها توحي بشعور معاكس للشعور الذي أوحت به تلك الظاهرة في مجال التطبيق، لأن النظرية في نصوصها تمنع أي فرد عن تملك المنابع المعدنية للملح أو النفط، ولا تسمح له باستخراج ما يزيد على حاجته منها. وهذا نقيض صريح للرأسمالية التي تتبنى مبدأ الملكية الخاصة، وتفسح المجال أمام الفرد ليتملك المنابع الطبيعة للثروة المعدنية، واستغلالها استغلالا رأسماليا، بقصد المريد من الأرباح. فهل يمكن لأحد أن يطلق